تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

نساء مصر.. تاريخ من النضال والتنوير لن نضيعه

Academic Paper / Article

Back
June 16, 2014

نساء مصر.. تاريخ من النضال والتنوير لن نضيعه

من ينظر لحال المرأة المصرية ومعاناتها المجتمعية، وموقعها فى سوق العمل فى الوقت الراهن، سيدرك كم تخلفت مصر فى الاعوام الأربعين الأخيرة. وكانت الثلاثة أرباع الأولى من القرن العشرين قد شكلت عصرا من الكفاح من أجل التنوير وتحقيق المساواة بين المرأة والرجل.

 وكانت فى هذا الصدد امتدادا قويا وسريعا لإرهاصات التطور فى القرن التاسع عشر. لكن بدءا من النصف الثانى من سبعينيات القرن العشرين تدهورت قيم التنوير فى ظل استعانة الرئيس الأسبق أنور السادات بجماعات الإخوان والسلفيين فى مواجهة اليسار والناصريين. وتلك الجماعات تتسم نظرتها للمرأة بالدونية والتخلف. وأيضا بسبب هجرة العمالة المصرية لمنطقة الخليج ونقلها للكثير من القيم المحافظة من تلك المنطقة. كما أن ارتفاع دخول الرجال الذين خرجوا للعمل فى الخليج، قلل حاجتهم لعمل أقربائهم من النساء، فتراجعت نسبة المشاركة الاقتصادية للمرأة. وفى السياق نفسه تراجعت النظرة الإنسانية والمتنورة للمرأة كإنسان وشريك فى كل شيء، إلى النظر إليها بصورة متخلفة كغنيمة ووعاء للإنجاب والمتعة.

وكانت المرأة المصرية قد حصلت على حق التصويت والترشيح فى مصر عام 1956 فى وقت مبكر عن غالبية دول العالم. إلا أنها حتى البرلمان السابق على الانتخابات العامة 2010، وقبل إقرار نظام الحصة الخاصة بالمرأة، كانت تشغل 2% من مقاعد البرلمان المصري، مقارنة بنحو 11% فى المغرب، ونحو 23% فى تونس، ونحو 12% فى سوريا، ونحو 45% فى جنوب إفريقيا، ونحو 18% فى إندونيسيا، ونحو 21% فى إيطاليا، ونحو 18% فى فرنسا، ونحو 33% فى ألمانيا وفقا لبيانات البنك الدولي. أما بعد إقرار نظام الحصة للمرأة فى انتخابات عام 2010، فقد وصلت 62 سيدة للبرلمان ضمن هذا النظام، فضلا عن سيدة أخرى تم تعيينها، وسيدتين من الحزب الوطنى الحاكم نجحتا فى الانتخابات العادية (د. آمال عثمان بدائرة الدقى والعجوزة «عمال»!!، والسيدة ليلى الرفاعى المرسى بصفة فلاح بدائرة أجا بالدقهلية). وتلك الانتخابات المزورة كليا والتى استهدف نظام الديكتاتور المخلوع مبارك من ورائها تأميم الحياة السياسية بشكل جاهل وغبي، كانت عاملا مهما فى تصاعد الاحتقان السياسى الشامل ضد ذلك النظام والذى انفجر فى ثورة عملاقة أطاحت به فى عام 2011.

ومن المؤكد أن ضعف قاعدة المواطنة كأساس للعلاقات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، قد أثر بشدة فى حصول المرأة أو عدم حصولها على فرص عادلة ومتساوية فى التعليم، لأن كل المرجعيات الطائفية والعائلية والعرقية والنوعية والدينية، تشكل مرجعيات أقل إنصافاً للمرأة فى العادة.

كما أن الميراث الحضارى لكل أمة يؤثر فى تطور رؤية المجتمع للمرأة ولتعليمها ولدورها السياسى والاقتصادى والاجتماعي. كذلك فإن طبيعة علاقة الدين بالدولة تؤثر بصورة قوية على نظرة الدولة لدور المرأة وتعليمها ومشاركتها مع الرجل على قدم المساواة فى جميع المجالات، وعلى مساعيها لتطوير هذا الدور، أو تجميده، أو تحجيمه.

أما التغيرات فى ترتيب قيمة العلم والتعليم والعدالة فى المنظومة القيمية للمجتمع، فتنعكس على قضية تعليم المرأة. فأى تراجع فى هذه القيم ينعكس على المرأة بصورة مضاعفة نتيجة الأولوية الذكورية فى المجتمعات المحافظة والفرص الأكبر للذكور فى الأعمال التى تعتمد على القوة البدنية وليس على المهارات التى تكونت من التعليم.

نوع المصدر
الناشر
الاهرام
سنة النشر
2014

من ينظر لحال المرأة المصرية ومعاناتها المجتمعية، وموقعها فى سوق العمل فى الوقت الراهن، سيدرك كم تخلفت مصر فى الاعوام الأربعين الأخيرة. وكانت الثلاثة أرباع الأولى من القرن العشرين قد شكلت عصرا من الكفاح من أجل التنوير وتحقيق المساواة بين المرأة والرجل.

 وكانت فى هذا الصدد امتدادا قويا وسريعا لإرهاصات التطور فى القرن التاسع عشر. لكن بدءا من النصف الثانى من سبعينيات القرن العشرين تدهورت قيم التنوير فى ظل استعانة الرئيس الأسبق أنور السادات بجماعات الإخوان والسلفيين فى مواجهة اليسار والناصريين. وتلك الجماعات تتسم نظرتها للمرأة بالدونية والتخلف. وأيضا بسبب هجرة العمالة المصرية لمنطقة الخليج ونقلها للكثير من القيم المحافظة من تلك المنطقة. كما أن ارتفاع دخول الرجال الذين خرجوا للعمل فى الخليج، قلل حاجتهم لعمل أقربائهم من النساء، فتراجعت نسبة المشاركة الاقتصادية للمرأة. وفى السياق نفسه تراجعت النظرة الإنسانية والمتنورة للمرأة كإنسان وشريك فى كل شيء، إلى النظر إليها بصورة متخلفة كغنيمة ووعاء للإنجاب والمتعة.

وكانت المرأة المصرية قد حصلت على حق التصويت والترشيح فى مصر عام 1956 فى وقت مبكر عن غالبية دول العالم. إلا أنها حتى البرلمان السابق على الانتخابات العامة 2010، وقبل إقرار نظام الحصة الخاصة بالمرأة، كانت تشغل 2% من مقاعد البرلمان المصري، مقارنة بنحو 11% فى المغرب، ونحو 23% فى تونس، ونحو 12% فى سوريا، ونحو 45% فى جنوب إفريقيا، ونحو 18% فى إندونيسيا، ونحو 21% فى إيطاليا، ونحو 18% فى فرنسا، ونحو 33% فى ألمانيا وفقا لبيانات البنك الدولي. أما بعد إقرار نظام الحصة للمرأة فى انتخابات عام 2010، فقد وصلت 62 سيدة للبرلمان ضمن هذا النظام، فضلا عن سيدة أخرى تم تعيينها، وسيدتين من الحزب الوطنى الحاكم نجحتا فى الانتخابات العادية (د. آمال عثمان بدائرة الدقى والعجوزة «عمال»!!، والسيدة ليلى الرفاعى المرسى بصفة فلاح بدائرة أجا بالدقهلية). وتلك الانتخابات المزورة كليا والتى استهدف نظام الديكتاتور المخلوع مبارك من ورائها تأميم الحياة السياسية بشكل جاهل وغبي، كانت عاملا مهما فى تصاعد الاحتقان السياسى الشامل ضد ذلك النظام والذى انفجر فى ثورة عملاقة أطاحت به فى عام 2011.

ومن المؤكد أن ضعف قاعدة المواطنة كأساس للعلاقات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، قد أثر بشدة فى حصول المرأة أو عدم حصولها على فرص عادلة ومتساوية فى التعليم، لأن كل المرجعيات الطائفية والعائلية والعرقية والنوعية والدينية، تشكل مرجعيات أقل إنصافاً للمرأة فى العادة.

كما أن الميراث الحضارى لكل أمة يؤثر فى تطور رؤية المجتمع للمرأة ولتعليمها ولدورها السياسى والاقتصادى والاجتماعي. كذلك فإن طبيعة علاقة الدين بالدولة تؤثر بصورة قوية على نظرة الدولة لدور المرأة وتعليمها ومشاركتها مع الرجل على قدم المساواة فى جميع المجالات، وعلى مساعيها لتطوير هذا الدور، أو تجميده، أو تحجيمه.

أما التغيرات فى ترتيب قيمة العلم والتعليم والعدالة فى المنظومة القيمية للمجتمع، فتنعكس على قضية تعليم المرأة. فأى تراجع فى هذه القيم ينعكس على المرأة بصورة مضاعفة نتيجة الأولوية الذكورية فى المجتمعات المحافظة والفرص الأكبر للذكور فى الأعمال التى تعتمد على القوة البدنية وليس على المهارات التى تكونت من التعليم.

نوع المصدر
الناشر
الاهرام
سنة النشر
2014