"نصيحتي للمرأة هي أن تكون على ثقة بأنّ ما تتمتّع به من مؤهلات يستحقّ التقدير. بإمكانها أن تحدث فارقًا، وهذا واجبٌ عليها. وما إن تدرك أنّ علّة وجودها هي تحقيق التغيير، عليها استغلال جميع الموارد المتاحة لها في سبيل قضيّتها، من خلال أدوات كـشبكة iKNOW بأسرها على سبيل المثال!"
شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: لقد كنت̗ أوّل امرأة تتولّى وزارة الخارجية في تاريخ الولايات المتّحدة وهو أعلى منصب شغلته امرأة أميركية إلى يومنا هذا. ما هي التحدّيات التي اعترضت سبيلك فيما كنتِ تسعين للفوز بهذا المنصب القيادي وغيره من المناصب التي شغلتِها؟مادلين أولبرايت: لم يُخَيَّل إليّ يومًا أنني قد أصبح وزيرة خارجية، وذلك لأنّني لم يسبق لي أن رأيتُ وزير خارجية من الجنس اللطيف. وقتذاك، ساد الاعتقاد بأنّ وظيفة وزارة الخارجية لا تليق بامرأة، ولا يحقّ لها حتّى أن تطمح إليها. وقد ناضلت ضد هذه الأفكار المتفشّية في المجتمع، ما شكّل التحدّي الأكبر بالنسبة إلي. لكن مع تعييني سفيرة للأمم المتّحدة، بدأ التداول باسمي كمرشّحة محتملة.من الملفت أيضًا أنّ البعض انتقدني بسبب طموحي الجامح. فـ"الطموح الجامح" ليس صفةً تُطلَق على رجلٍ يتمتّع بالمؤهلات عينها. في الواقع، تُستَخدَم بعض الصفات لوصف المزايا الحميدة لدى الرجل، لكنّ معناها يختلف فتمسي سلبيّةً إذا ما انطبقت على المرأة. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: كيف تخطّيت رفض المجتمع لتولّي المرأة المناصب العليا المماثلة؟مادلين أولبرايت: أوّلاً، عقدت عزيمتي على تقديم خير أداء. بذلتُ قصارى جهدي وأعتقد أنّي كنت على أتمّ الجهوزيّة. في نهاية المطاف، حظيت بدعم الكثير من النساء. من البديهي أنني حصلت أيضًا على تأييد عدد من الرجال، لكنّني أعلم أنّ الجمهور كان يتوقّع منّي أن أتفوّق على الرجال في أدائي. لذا، واصلتُ جهودي.شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: برأيك، ما مدى تأثير النساء اللواتي يشغلن مناصب عليا على المجتمع؟مادلين أولبرايت: في معظم المجتمعات، تشكلّ النساء أكثر من نصف السكان. لذا، إنّ مشاركة المرأة في الحياة السياسية والاقتصادية يخدم مصلحة الدول كافّةً، فهي تساهم في توظيف أكثر من نصف موارد البلاد. كما أعتقد أنّ التعاون في العمل بين المرأة والرجل يعطي ثمارًا خيّرة. في الواقع، أظنّ أن المرأة تتّسم بصفاتٍ قيّمة جدًّا في مجال الدبلوماسية والحكم على كافة المستويات، كالاهتمام بالعلاقات الشخصيّة والقدرة على الإصغاء إلى وجهة نظر الآخرين. باستطاعة المرأة أن تحدث التغيير لأنّها قادرة على رؤية مسألة الأمن القومي أو غيرها من المسائل الوطنية الخاصّة ببلدها من منظور آخر. فتجاربنا تساعدنا في اعتماد مقاربة أفضل تجاه المسائل واستبيان الروابط بينها. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: هل تغيّر نهجك في القيادة على مرّ السنوات؟مادلين أولبرايت: نعم. غالبًا ما تعيش المرأة حيثما كانت التجربة ذاتها. فهي تحضر الاجتماعات وتصغي إلى المواضيع المطروحة، وترغب في التعبير عن رأيها في مسألة معيّنة. لكنّها تشكّ في نفسها وتخشى ألا ينمّ رأيها عن الذكاء، فتقرّر أن تلزم الصمت. ثمّ يقول أحد الرجال ما كانت تودّ التعبير عنه، ويرحّب الجميع بقوله مشيدين بذكائه الخارق، فتتمنّى المرأة لو تكلّمت بصراحة. لقد خضت شخصيًّا تلك التجربة للمرّة الأولى عندما حضرت جلسة غير رسمية لمجلس الأمن. فكّرت في سرّي: "قبل أن أتكلّم، سأنتظر لأتبيّن هويّة الموجودين وأفهم شخصيّاتهم وأمسك بخيوط ديناميكيّة الكلام في القاعة". لكنّني سرعان ما أدركت أنّ ذلك مستحيل! فأنا أمثّل الولايات المتّحدة، ولا بدّ من أن أبادر بالكلام وإلا لن تتوضّح وجهة نظرنا. كانت تلك المرّة الأولى الّتي أيقنت فيها أنّ عليّ أن أفصل عواطفي كامرأة عن واجباتي كقائدة. كما تعلّمت أنّه من الضروري أن أفهم أنّ الصفات المستخدمة تختلف إذا انطبقت على المرأة أوالرجل ولو كانت هي نفسها. مثلاً، إذا ما أبدت المرأة اهتمامًا فائقًا بمسألة ما، يُقال إنّها "عاطفيّة". أمّا الرجل، فيُقال عنه إنّه "شغوف". لذا أعتقد أنّني اكتسبت القدرة على المناقشة بهدوء أكبر كي لا أفضح مشاعري الدفينة تجاه أيّ موضوع. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: برأيك، كيف يمكن استخدام مبادرة مثل شبكة iKnow Politics لتعزيز الارتقاء بالمرأة في الميدان السياسي؟مادلين أولبرايت: يمكن الاستفادة من مبادرات مماثلة بطرق كثيرة. يمكن لشبكة iKnow Politics أن تساهم على الأقلّ في توفير المعلومات، إذ أنّ الناشطين والمسؤولين عاجزون عن إحداث الأثر المنشود إن لم يملكوا معطيات واقعيّة. قلت مرارًا وتكرارًا عندما كنت أعمل في التعليم وفي الحكومة إنّ الاطّلاع شرطٌ ضروري إذا ما أرادت المرأة أن تشارك في وضع السياسات أو أن تدخل المعترك السياسي والحكومة ومجال الأعمال والمنظمات غير الحكومية، وها أنا أردّد هذا القول اليوم. من المهمّ جدًّا أن تستند المرأة إلى معلومات حسّية ومتكاملة لتستطيع أن تعرب عن مواقفها مرتكزةً على الوقائع. كذلك، بإمكان شبكة iKnow Politics أن تساعد المرأة على بناء الشبكات. لطالما كنت مقتنعةً بضرورة تطوير نظام دعم في أيّ وظيفة يقوم بها المرء. هذا بالتحديد ما فعلته أولاً لدى الأمم المتّحدة ثمّ كوزيرة خارجيّة. في الأمم المتّحدة، طلبت من مساعدي أن يدعو كلّ الممثّلين الدائمين من النساء لمأدبة غداء. والجدير بالذكر أنّ عدد الدول الأعضاء حينذاك كان 183. لذا، ظننت أن الحدث سيكون هائلاً. لكن عندما دخلت شقّتي، لم أجد سوى ستّ نساء أخريات، من كندا وكازاخستان وترينيداد وتوباغو وجامايكا والفيليبين والليشتنستاين. فرأيت أنّه من الضروري أن نشكّل مجموعةً واحدة، وتمّ ذلك. أطلقنا على تجمّعنا إسم "مجموعة السبعة"، واتّفقنا على أن نردّ دومًا على اتّصالات أفراد مجموعتنا. كما وضعنا نظام دعم أتاح لنا تحقيق غايات كثيرة. عندما كنت وزيرة خارجية، قمت بالأمر ذاته. شكّلتُ مجموعة من وزيرات الخارجية. عندما بلغت المجموعة حدَّها الأقصى، كانت تضمّ 14 منّا. وقد ناقشنا معًا المسائل الهامّة والتجارب الشخصية. أعتقد أنّه من المهم تطوير هذا النوع من أنظمة الدعم. على سبيل المثال، تجلّى لي أنّ وزيرة الخارجية في جنوب أفريقيا تواجه تحدّيات مماثلة للّتي كنت أواجهها، من حيث اضطرارها للإثبات أنّها قادرة على القيام بعملها على أحسن وجه. كما اكتشفنا عددًا كبيرًا من الأرضيات المشتركة بيننا. فلا توفّر شبكة iKNOW Politics معلومات قيّمة فحسب، بل هي رابط بين النساء من خلال تشاطرهنّ التجارب ذاتها.شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: حاليًا، تتوافر الأدوات التكنولوجية على اختلافها، مثل تكنولوجيا الهواتف النقالة الحديثة وشبكة الإنترنت وغيرها. كيف يمكن المرأة أن تستخدم تلك الأدوات بالطريقة المثلى؟ وكيف نضمن تبادل الخبرات بين النساء الأعضاء في شبكة iKNOW Politics وأولئك اللواتي يستخدمن التكنولوجيا، كالهواتف النقالة أو الإنترنت وغيرهنّ من النساء؟ مادلين أولبرايت: لا بدّ للنساء من أن يجتمعن ويتشاطرن المعلومات سواء كانت متعلّقة بالعمل أو بتربية الأطفال، أو أن يشكّلن مجموعات صغيرة لتبادل شتّى أنواع المعلومات والدعم. في بعض القرى مثلاً، تقوم المرأة الوحيدة الّتي تملك الهاتف الخلوي الوحيد بتأجيره للناس. عندئذٍ يصبح الخلوي أداةً جديدة لبسط النفوذ. فمن الضروري أن تتمتّع هذه المرأة بنفاذ مباشر إلى هاتفها وأن تعلّم الآخرين كيفيّة استخدامه أو استخراج المعلومات منه، ثمّ تقوم بالأمور البديهيّة، أي أن تجمع نساء أخريات لتبادل الأحاديث والمعلومات. لكن، كنساء أميركيات، لا بدّ لنا من أن نتفادى فرض مناهجنا على نساء الدول الأخرى. بالرغم من ذلك، من الضروري أن يتمّ تبادل المعلومات. يجب ألا تسيطر أي امرأة على الأخريات، ولو كانت تشغل منصبًا مرموقًا في المجتمع أو في الحكومة وحتّى إذا امتلكت هاتفًا نقّالاً، بل على النساء أن يتساعدن. وغالبًا ما أقول إنّ في جهنّم مكانًا مخصّصًا للنساء اللواتي لا يمددن يد العون للأخريات. يجب أن تدرك النساء النافذات أنّ دورهنّ يقضي بمساعدة الغير. أمّا المرأة التي تسعى للوصول إلى مركز السلطة، فعليها أن تتيقن أن تشجيع سائر النساء على المشاركة في النظام إنّما يغذّي سلطتها. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: تميل النساء الأكبر سنًّا إلى التفكير بأنّ النساء الشابات لسن جديرات بعد بالمناصب المماثلة، وبأنّ عليهنّ احترام الأكبر منهنّ سنًّا، فدورهنّ لم يَحِن بعد ليبرزن على الساحة السياسية. كيف يمكن تغيير وجهة نظر أولئك النساء لإتاحة الفرص للشابات؟مادلين أولبرايت: كوني أنتمي إلى الشريحة الأكبر سنًّا، أعتقد أنّه من المهم أن تحترم الشابات خبرة النساء المخضرمات. ففي الولايات المتّحدة، يجهل معظم الشابات المصاعب التي اضطرّت النساء الأكبر سنًّا أن يواجهنها ليحقّقن ما حقّقنه. لا بدّ من احترام عمل النساء الأكبر سنًّا وإنجازاتهن. لكن في الوقت عينه، يجب أن تتذكّر النساء الأكبر سنًّا أنّهنّ لن يعشن إلى الأبد وأنّ الإرث الأكبر الذي يخلّفنه هو حثّ النساء على تأدية دور أكثر أهمّيةً. يجب أن يعترفن بشرعيّة عمل الشابّات ضمن النظام. فالعملية تتمّ بالاتّجاهين. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: كيف رتّبت̗ أولويّاتك في ما يتعلّق بالسياسة العامة؟مادلين أولبرايت: قد يتطلّب هذا الموضوع أيامًا لمناقشته! إن وضع السياسات عمليّة معقّدة للغاية. فوزير الخارجية أو السفير أو الشخص الّذي يُنتَخَب أو يُعَيَّن في مناصب أخرى يتّخذ القرارات ضمن نظام معقّد. في هذا الإطار، لا بدّ من تحديد الأولويّات. بالنسبة إلي، كان ذلك صعبًا للغاية. أعتقد أنّ نساءً كثيرات واجهن المشكلة ذاتها. فقد كانت الأهداف التي أردت تحقيقها كثيرة، لأنّني لم أحظَ بالفرصة من قبل. من المهم أن نحدّد الأهداف الأكثر إلحاحًا، وإلاّ اختلطت علينا الأمور. على سبيل المثال، قرّرت أن أضع شؤون المرأة في صلب أولوياتي، ولم أرِدها أن تكون مسألة ثانوية. فالمرأة يجب أن تكون موضوعًا أساسيًا في إطار السياسة الخارجية للولايات المتّحدة. لم أفعل ذلك كوني مناصرة لقضية المرأة فحسب، بل أيضًا لأنني فهمت أن تمكين المرأة سواء على الصعيد الاقتصادي أو السياسي يساهم في استقرار المجتمع.شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: لو توفّرت لك̗ أداة مثل iKNOW Politics التي تُعتبر بمثابة محطّة واحدة وشاملة للتزوّد بالمعلومات، كيف كانت لتخدمك̗ في مسيرتك المهنيّة؟مادلين أولبرايت: لو توفّر مورد كهذا، كان ليفيدني كثيرًا. فغالبًا ما يكون المرء ملمًّا ببعض المسائل تمام الإلمام لأنّه يعمل على معالجتها منذ فترة. غير أنّه يفتقر إلى المعرفة الواسعة بشأن عدد من القضايا والوقائع المتعلّقة بمختلف المسائل السياسية. على سبيل المثال، إذا ما أردنا أن نبرهن أنّ إصلاح أنظمة الرعاية الصحية أمرٌ حيوي لمعالجة أزمة صحية يعيشها بلدٌ معيّن، لا يمكننا التكهّن بالأرقام والوقائع ولا يمكننا المدافعة عن وجهة نظرنا في غياب الأرقام والمعلومات، ونعجز عن فهم نطاق المشكلة ومدى تأثيرها على حياة الناس إن لم تكن المعلومات الضرورية متاحة. من الصعب أن يثبت مواطن أميركي هذه الفكرة، لأنّ نظامنا زاخرٌ بالمعلومات. غير أنّ النفاذ إلى مصدر معلومات موضوعية هو العامل الأهمّ في دولٍ أخرى. كما تلبّي شبكة iKNOW Politics حاجة المرأة إلى الدعم. فإذا ما كانت نائبًا في البرلمان، وأرادت الاطّلاع على كيفية التعامل مع مسألة برلمانيّة معيّنة في بلدٍ آخر، بإمكانها الاحتكام إلى المعلومات المتاحة عن نساء أخريات واجهن المشاكل عينها. إلى ذلك، تساهم التكنولوجيا في الاتّصال الشخصي مع الآخرين، إذ أعتقد أنّ تشاطر التجارب الشخصية هامّ جدًّا، ويجب ألاّ يقتصر على المعلومات والوقائع. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: ما هي النصيحة التي تسدينها إلى أعضاء شبكة iKNOW Politics لا سيّما النساء من مرشّحات ومسؤولات في مسيرتهنّ السياسية؟ مادلين أولبرايت: نصيحتي للمرأة هي أن تكون على ثقة بأنّ ما تتمتّع به من مؤهلات يستحقّ التقدير. بإمكانها أن تحدث فارقًا، وهذا واجبٌ عليها. وما إن تدرك أنّ علّة وجودها هي تحقيق التغيير، عليها استغلال جميع الموارد المتاحة لها في سبيل قضيّتها، من خلال أدوات كشبكة iKNOW بأسرها على سبيل المثال!
"نصيحتي للمرأة هي أن تكون على ثقة بأنّ ما تتمتّع به من مؤهلات يستحقّ التقدير. بإمكانها أن تحدث فارقًا، وهذا واجبٌ عليها. وما إن تدرك أنّ علّة وجودها هي تحقيق التغيير، عليها استغلال جميع الموارد المتاحة لها في سبيل قضيّتها، من خلال أدوات كـشبكة iKNOW بأسرها على سبيل المثال!"
شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: لقد كنت̗ أوّل امرأة تتولّى وزارة الخارجية في تاريخ الولايات المتّحدة وهو أعلى منصب شغلته امرأة أميركية إلى يومنا هذا. ما هي التحدّيات التي اعترضت سبيلك فيما كنتِ تسعين للفوز بهذا المنصب القيادي وغيره من المناصب التي شغلتِها؟مادلين أولبرايت: لم يُخَيَّل إليّ يومًا أنني قد أصبح وزيرة خارجية، وذلك لأنّني لم يسبق لي أن رأيتُ وزير خارجية من الجنس اللطيف. وقتذاك، ساد الاعتقاد بأنّ وظيفة وزارة الخارجية لا تليق بامرأة، ولا يحقّ لها حتّى أن تطمح إليها. وقد ناضلت ضد هذه الأفكار المتفشّية في المجتمع، ما شكّل التحدّي الأكبر بالنسبة إلي. لكن مع تعييني سفيرة للأمم المتّحدة، بدأ التداول باسمي كمرشّحة محتملة.من الملفت أيضًا أنّ البعض انتقدني بسبب طموحي الجامح. فـ"الطموح الجامح" ليس صفةً تُطلَق على رجلٍ يتمتّع بالمؤهلات عينها. في الواقع، تُستَخدَم بعض الصفات لوصف المزايا الحميدة لدى الرجل، لكنّ معناها يختلف فتمسي سلبيّةً إذا ما انطبقت على المرأة. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: كيف تخطّيت رفض المجتمع لتولّي المرأة المناصب العليا المماثلة؟مادلين أولبرايت: أوّلاً، عقدت عزيمتي على تقديم خير أداء. بذلتُ قصارى جهدي وأعتقد أنّي كنت على أتمّ الجهوزيّة. في نهاية المطاف، حظيت بدعم الكثير من النساء. من البديهي أنني حصلت أيضًا على تأييد عدد من الرجال، لكنّني أعلم أنّ الجمهور كان يتوقّع منّي أن أتفوّق على الرجال في أدائي. لذا، واصلتُ جهودي.شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: برأيك، ما مدى تأثير النساء اللواتي يشغلن مناصب عليا على المجتمع؟مادلين أولبرايت: في معظم المجتمعات، تشكلّ النساء أكثر من نصف السكان. لذا، إنّ مشاركة المرأة في الحياة السياسية والاقتصادية يخدم مصلحة الدول كافّةً، فهي تساهم في توظيف أكثر من نصف موارد البلاد. كما أعتقد أنّ التعاون في العمل بين المرأة والرجل يعطي ثمارًا خيّرة. في الواقع، أظنّ أن المرأة تتّسم بصفاتٍ قيّمة جدًّا في مجال الدبلوماسية والحكم على كافة المستويات، كالاهتمام بالعلاقات الشخصيّة والقدرة على الإصغاء إلى وجهة نظر الآخرين. باستطاعة المرأة أن تحدث التغيير لأنّها قادرة على رؤية مسألة الأمن القومي أو غيرها من المسائل الوطنية الخاصّة ببلدها من منظور آخر. فتجاربنا تساعدنا في اعتماد مقاربة أفضل تجاه المسائل واستبيان الروابط بينها. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: هل تغيّر نهجك في القيادة على مرّ السنوات؟مادلين أولبرايت: نعم. غالبًا ما تعيش المرأة حيثما كانت التجربة ذاتها. فهي تحضر الاجتماعات وتصغي إلى المواضيع المطروحة، وترغب في التعبير عن رأيها في مسألة معيّنة. لكنّها تشكّ في نفسها وتخشى ألا ينمّ رأيها عن الذكاء، فتقرّر أن تلزم الصمت. ثمّ يقول أحد الرجال ما كانت تودّ التعبير عنه، ويرحّب الجميع بقوله مشيدين بذكائه الخارق، فتتمنّى المرأة لو تكلّمت بصراحة. لقد خضت شخصيًّا تلك التجربة للمرّة الأولى عندما حضرت جلسة غير رسمية لمجلس الأمن. فكّرت في سرّي: "قبل أن أتكلّم، سأنتظر لأتبيّن هويّة الموجودين وأفهم شخصيّاتهم وأمسك بخيوط ديناميكيّة الكلام في القاعة". لكنّني سرعان ما أدركت أنّ ذلك مستحيل! فأنا أمثّل الولايات المتّحدة، ولا بدّ من أن أبادر بالكلام وإلا لن تتوضّح وجهة نظرنا. كانت تلك المرّة الأولى الّتي أيقنت فيها أنّ عليّ أن أفصل عواطفي كامرأة عن واجباتي كقائدة. كما تعلّمت أنّه من الضروري أن أفهم أنّ الصفات المستخدمة تختلف إذا انطبقت على المرأة أوالرجل ولو كانت هي نفسها. مثلاً، إذا ما أبدت المرأة اهتمامًا فائقًا بمسألة ما، يُقال إنّها "عاطفيّة". أمّا الرجل، فيُقال عنه إنّه "شغوف". لذا أعتقد أنّني اكتسبت القدرة على المناقشة بهدوء أكبر كي لا أفضح مشاعري الدفينة تجاه أيّ موضوع. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: برأيك، كيف يمكن استخدام مبادرة مثل شبكة iKnow Politics لتعزيز الارتقاء بالمرأة في الميدان السياسي؟مادلين أولبرايت: يمكن الاستفادة من مبادرات مماثلة بطرق كثيرة. يمكن لشبكة iKnow Politics أن تساهم على الأقلّ في توفير المعلومات، إذ أنّ الناشطين والمسؤولين عاجزون عن إحداث الأثر المنشود إن لم يملكوا معطيات واقعيّة. قلت مرارًا وتكرارًا عندما كنت أعمل في التعليم وفي الحكومة إنّ الاطّلاع شرطٌ ضروري إذا ما أرادت المرأة أن تشارك في وضع السياسات أو أن تدخل المعترك السياسي والحكومة ومجال الأعمال والمنظمات غير الحكومية، وها أنا أردّد هذا القول اليوم. من المهمّ جدًّا أن تستند المرأة إلى معلومات حسّية ومتكاملة لتستطيع أن تعرب عن مواقفها مرتكزةً على الوقائع. كذلك، بإمكان شبكة iKnow Politics أن تساعد المرأة على بناء الشبكات. لطالما كنت مقتنعةً بضرورة تطوير نظام دعم في أيّ وظيفة يقوم بها المرء. هذا بالتحديد ما فعلته أولاً لدى الأمم المتّحدة ثمّ كوزيرة خارجيّة. في الأمم المتّحدة، طلبت من مساعدي أن يدعو كلّ الممثّلين الدائمين من النساء لمأدبة غداء. والجدير بالذكر أنّ عدد الدول الأعضاء حينذاك كان 183. لذا، ظننت أن الحدث سيكون هائلاً. لكن عندما دخلت شقّتي، لم أجد سوى ستّ نساء أخريات، من كندا وكازاخستان وترينيداد وتوباغو وجامايكا والفيليبين والليشتنستاين. فرأيت أنّه من الضروري أن نشكّل مجموعةً واحدة، وتمّ ذلك. أطلقنا على تجمّعنا إسم "مجموعة السبعة"، واتّفقنا على أن نردّ دومًا على اتّصالات أفراد مجموعتنا. كما وضعنا نظام دعم أتاح لنا تحقيق غايات كثيرة. عندما كنت وزيرة خارجية، قمت بالأمر ذاته. شكّلتُ مجموعة من وزيرات الخارجية. عندما بلغت المجموعة حدَّها الأقصى، كانت تضمّ 14 منّا. وقد ناقشنا معًا المسائل الهامّة والتجارب الشخصية. أعتقد أنّه من المهم تطوير هذا النوع من أنظمة الدعم. على سبيل المثال، تجلّى لي أنّ وزيرة الخارجية في جنوب أفريقيا تواجه تحدّيات مماثلة للّتي كنت أواجهها، من حيث اضطرارها للإثبات أنّها قادرة على القيام بعملها على أحسن وجه. كما اكتشفنا عددًا كبيرًا من الأرضيات المشتركة بيننا. فلا توفّر شبكة iKNOW Politics معلومات قيّمة فحسب، بل هي رابط بين النساء من خلال تشاطرهنّ التجارب ذاتها.شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: حاليًا، تتوافر الأدوات التكنولوجية على اختلافها، مثل تكنولوجيا الهواتف النقالة الحديثة وشبكة الإنترنت وغيرها. كيف يمكن المرأة أن تستخدم تلك الأدوات بالطريقة المثلى؟ وكيف نضمن تبادل الخبرات بين النساء الأعضاء في شبكة iKNOW Politics وأولئك اللواتي يستخدمن التكنولوجيا، كالهواتف النقالة أو الإنترنت وغيرهنّ من النساء؟ مادلين أولبرايت: لا بدّ للنساء من أن يجتمعن ويتشاطرن المعلومات سواء كانت متعلّقة بالعمل أو بتربية الأطفال، أو أن يشكّلن مجموعات صغيرة لتبادل شتّى أنواع المعلومات والدعم. في بعض القرى مثلاً، تقوم المرأة الوحيدة الّتي تملك الهاتف الخلوي الوحيد بتأجيره للناس. عندئذٍ يصبح الخلوي أداةً جديدة لبسط النفوذ. فمن الضروري أن تتمتّع هذه المرأة بنفاذ مباشر إلى هاتفها وأن تعلّم الآخرين كيفيّة استخدامه أو استخراج المعلومات منه، ثمّ تقوم بالأمور البديهيّة، أي أن تجمع نساء أخريات لتبادل الأحاديث والمعلومات. لكن، كنساء أميركيات، لا بدّ لنا من أن نتفادى فرض مناهجنا على نساء الدول الأخرى. بالرغم من ذلك، من الضروري أن يتمّ تبادل المعلومات. يجب ألا تسيطر أي امرأة على الأخريات، ولو كانت تشغل منصبًا مرموقًا في المجتمع أو في الحكومة وحتّى إذا امتلكت هاتفًا نقّالاً، بل على النساء أن يتساعدن. وغالبًا ما أقول إنّ في جهنّم مكانًا مخصّصًا للنساء اللواتي لا يمددن يد العون للأخريات. يجب أن تدرك النساء النافذات أنّ دورهنّ يقضي بمساعدة الغير. أمّا المرأة التي تسعى للوصول إلى مركز السلطة، فعليها أن تتيقن أن تشجيع سائر النساء على المشاركة في النظام إنّما يغذّي سلطتها. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: تميل النساء الأكبر سنًّا إلى التفكير بأنّ النساء الشابات لسن جديرات بعد بالمناصب المماثلة، وبأنّ عليهنّ احترام الأكبر منهنّ سنًّا، فدورهنّ لم يَحِن بعد ليبرزن على الساحة السياسية. كيف يمكن تغيير وجهة نظر أولئك النساء لإتاحة الفرص للشابات؟مادلين أولبرايت: كوني أنتمي إلى الشريحة الأكبر سنًّا، أعتقد أنّه من المهم أن تحترم الشابات خبرة النساء المخضرمات. ففي الولايات المتّحدة، يجهل معظم الشابات المصاعب التي اضطرّت النساء الأكبر سنًّا أن يواجهنها ليحقّقن ما حقّقنه. لا بدّ من احترام عمل النساء الأكبر سنًّا وإنجازاتهن. لكن في الوقت عينه، يجب أن تتذكّر النساء الأكبر سنًّا أنّهنّ لن يعشن إلى الأبد وأنّ الإرث الأكبر الذي يخلّفنه هو حثّ النساء على تأدية دور أكثر أهمّيةً. يجب أن يعترفن بشرعيّة عمل الشابّات ضمن النظام. فالعملية تتمّ بالاتّجاهين. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: كيف رتّبت̗ أولويّاتك في ما يتعلّق بالسياسة العامة؟مادلين أولبرايت: قد يتطلّب هذا الموضوع أيامًا لمناقشته! إن وضع السياسات عمليّة معقّدة للغاية. فوزير الخارجية أو السفير أو الشخص الّذي يُنتَخَب أو يُعَيَّن في مناصب أخرى يتّخذ القرارات ضمن نظام معقّد. في هذا الإطار، لا بدّ من تحديد الأولويّات. بالنسبة إلي، كان ذلك صعبًا للغاية. أعتقد أنّ نساءً كثيرات واجهن المشكلة ذاتها. فقد كانت الأهداف التي أردت تحقيقها كثيرة، لأنّني لم أحظَ بالفرصة من قبل. من المهم أن نحدّد الأهداف الأكثر إلحاحًا، وإلاّ اختلطت علينا الأمور. على سبيل المثال، قرّرت أن أضع شؤون المرأة في صلب أولوياتي، ولم أرِدها أن تكون مسألة ثانوية. فالمرأة يجب أن تكون موضوعًا أساسيًا في إطار السياسة الخارجية للولايات المتّحدة. لم أفعل ذلك كوني مناصرة لقضية المرأة فحسب، بل أيضًا لأنني فهمت أن تمكين المرأة سواء على الصعيد الاقتصادي أو السياسي يساهم في استقرار المجتمع.شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: لو توفّرت لك̗ أداة مثل iKNOW Politics التي تُعتبر بمثابة محطّة واحدة وشاملة للتزوّد بالمعلومات، كيف كانت لتخدمك̗ في مسيرتك المهنيّة؟مادلين أولبرايت: لو توفّر مورد كهذا، كان ليفيدني كثيرًا. فغالبًا ما يكون المرء ملمًّا ببعض المسائل تمام الإلمام لأنّه يعمل على معالجتها منذ فترة. غير أنّه يفتقر إلى المعرفة الواسعة بشأن عدد من القضايا والوقائع المتعلّقة بمختلف المسائل السياسية. على سبيل المثال، إذا ما أردنا أن نبرهن أنّ إصلاح أنظمة الرعاية الصحية أمرٌ حيوي لمعالجة أزمة صحية يعيشها بلدٌ معيّن، لا يمكننا التكهّن بالأرقام والوقائع ولا يمكننا المدافعة عن وجهة نظرنا في غياب الأرقام والمعلومات، ونعجز عن فهم نطاق المشكلة ومدى تأثيرها على حياة الناس إن لم تكن المعلومات الضرورية متاحة. من الصعب أن يثبت مواطن أميركي هذه الفكرة، لأنّ نظامنا زاخرٌ بالمعلومات. غير أنّ النفاذ إلى مصدر معلومات موضوعية هو العامل الأهمّ في دولٍ أخرى. كما تلبّي شبكة iKNOW Politics حاجة المرأة إلى الدعم. فإذا ما كانت نائبًا في البرلمان، وأرادت الاطّلاع على كيفية التعامل مع مسألة برلمانيّة معيّنة في بلدٍ آخر، بإمكانها الاحتكام إلى المعلومات المتاحة عن نساء أخريات واجهن المشاكل عينها. إلى ذلك، تساهم التكنولوجيا في الاتّصال الشخصي مع الآخرين، إذ أعتقد أنّ تشاطر التجارب الشخصية هامّ جدًّا، ويجب ألاّ يقتصر على المعلومات والوقائع. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: ما هي النصيحة التي تسدينها إلى أعضاء شبكة iKNOW Politics لا سيّما النساء من مرشّحات ومسؤولات في مسيرتهنّ السياسية؟ مادلين أولبرايت: نصيحتي للمرأة هي أن تكون على ثقة بأنّ ما تتمتّع به من مؤهلات يستحقّ التقدير. بإمكانها أن تحدث فارقًا، وهذا واجبٌ عليها. وما إن تدرك أنّ علّة وجودها هي تحقيق التغيير، عليها استغلال جميع الموارد المتاحة لها في سبيل قضيّتها، من خلال أدوات كشبكة iKNOW بأسرها على سبيل المثال!