لينا يلم-فالن
انتُخبت السيّدة "يلم-فالن" وهي في االخامسة والعشرين من العمر، نائبًا في البرلمان السويدي. بعض مضيّ خمس سنوات، وصلت إلى مجلس الوزراء وكانت الأصغر سنًّا من بين النواب الذين شغلوا منصبًا وزاريًّا في تاريخ السويد. وفي خلال السنوات العشرين التي أمضتها في مجلس الوزراء السويدي، احتلّت مناصب وزيرة التربية والشؤون الثقافيّة ونائب رئيس الوزراء ووزيرة الخارجيّة ووزيرة موكلة مهام خاصّة في مجال التعاون الإنمائي الدولي. أمّا اليوم، فمن بين المسؤوليات التي تضطّلع بها، تشغل موقع رئاسة مجلس إدارة المعهد الدولي للديمقراطيّة والمساعدة الانتخابيّة.
المتن:
شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: حضرة السيّدة يلم-فالن، هلاّ أخبرتنا قليلاً عن خلفيتك؟ لينا يلم-فالن: ترعرعت في مدينة سويديّة صغيرة وكنت أولى المتخرجين في عائلتي من الثانوية العامّة. وبعد إكمال دراستي في جامعة "أوبسالا"، عملت كمدرّسة لمدّة ثلاث سنوات. ثمّ انضممت إلى الفرع المحلّي التابع للحزب الديمقراطي الاجتماعي وإلى فرع الشباب، إلاّ أنني لم أكن عضوًا فاعلاً جدًّا بعد. وفي العام 1968، أي عندما كنت في الخامسة والعشرين من العمر، طلبت مني قيادة الحزب في مقاطعتي أن أترشّح في الانتخابات النيابيّة ولَكَم كانت مفاجأتي كبيرة! وقد أدرج الحزب إسمي في المرتبة الثالثة على قائمة المرشّحين وانتُخبت نائبًا في البرلمان نظرًا لحصول الحزب على ستة مقاعد في المقاطعة. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: برأيك̗، هل كنتِ لَتقدمين على الترشّح إلى الانتخابات البرلمانيّة لو لم يُطلب منك ذلك؟ لينا يلم-فالن: لا، لا أعتقد، ليس وقتذاك على الأقلّ. ربّما لَمضيت في مسيرتي في السياسة المحليّة ولَسعيت ربّما إلى تحقيق أكثر من ذلك. بعد مرور خمس سنوات على دخولي البرلمان، طلب منّي رئيس الوزراء الراحل "أولوف بالم" أن أشارك في الحكومة وأشغل منصب وزيرة التربية. لكني رفضت طلبه في المرّة الأولى إذ كنت أشعر وقتذاك بأن صغر سنّي لا يخوّلني القيام بذلك، ناهيك عن أنّ ابنتي كانت في الخامسة من العمر. إلاّ أنّه لم ينفكّ يطرح عليّ السؤال نفسه بلا كلل على مرّ ثلاثة أشهر وفي نهاية المطاف قبلت طلبه. ولم أقبل المنصب إلاّ بعد مناقشات مطوّلة أجريتها مع عائلتي، إذ لا بدّ من التيقّن إلى أن الوظيفة هذه متطلّبة جدًّا والسبيل الأوحد لمواجهة التحديات الكامنة فيها يمرّ عبر دعم العائلة. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: تشير الإحصاءات الحاليّة في السويد إلى أن المرأة تشغل 47% من المقاعد النيابيّة بخلاف الوضع الذي ساد عام 1969، حين دخلت̗ إلى البرلمان للمرّة الأولى عندما لم تحتل المرأة سوى 16% من المقاعد البرلمانيّة. هل تبدّل سلوكك نظرًا لأنّك امرأة ؟ لينا يلم-فالن: نعم، بالطبع، تختلف التوليفة البرلمانيّة الحاليّة بشكلٍ جذري مقارنة مع أول مجلس شاركت فيه، إلا أن صغر سنّي كان في الواقع العنصر الأكثر خروجًا عن المألوف. وقد احتاج الحزب وقتذاك إلى الخبرة والتجديد وما كوني امرأة سوى ميزة إضافيّة! كما توصّل الحزب إلى تفاهم داخلي يقضي بتخصيص مقعد واحد على الأقلّ من المقاعد الستّ التي تعود إلى الحزب في مقاطعتي إلى النساء. وانبثق التيار الفكري هذا إلى حدٍّ كبير من أعضاء قيادة الحزب أنفسهم. كما ركّز رئيس الوزراء "أولوف بالم" وخلفه "إنغفار كارلسون" خير تركيز على التوصّل إلى تعزيز المساواة في تشكيلة الحزب. وأعرف تمام المعرفة أن زوجة "بالم"، السيّدة "ليزباث بالم"، هي التي دعت بشكلٍ خاص إلى تحقيق المساواة، وقد ازداد بالفعل عدد النساء المشاركات في مجلس الوزراء عام 1974، إذ شغلنا 5 مقاعد من عشرين. وفي أواخر السبعينيّات، علا صوت في قيادة الحزب يدعو إلى اعتماد المساواة بين المرأة والرجل معيارًا، وأوعزت المكاتب الحزبيّة بتعيين النساء وبالتوصّل إلى تكافؤ جنسي هو 40% للنساء مقابل 60% للرجال، إلاّ أن الإيعاز هذا ما كان يومًا قانونًا. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: ما هي التغييرات الملموسة التي أنجزتها في خلال ولايتك خدمةً للمرأة عمومًا؟ وما هو بالنسبة إليك أهمّ إنجاز أحرزته في ولايتك الوزاريّة؟ لينا يلم-فالن: في خلال ولايتي النيابيّة، شكّلت عمليّة إصلاح نظامَي الضرائب والضمان الاجتماعي أهمّ مواضيع الساعة. وتمكنّا من توحيد الأزواج والزوجات تحت رايةٍ واحدة، فاعتبروا أفرادًا يتحلّون بالحقوق والمسؤوليات الاقتصاديّة عينها في العائلة الواحدة. وأرسينا بذلك أسس المساواة. بصفتي وزيرة التربية، اعتبرت إصلاح العمل الداخلي في المدرسة أكثر الإصلاحات إفادةً بالنسبة إلى المرأة إذ غالبًا ما حصل الأولاد قبل الإصلاح على فترة فراغ في منتصف النهار، فكيف يمكن الاعتناء بالأولاد الأصغر سنًّا؟ كانت الأمّ تضطرّ إلى المكوث في المنزل للاعتناء بالأولاد في خلال فترة الفراغ المدرسي. وباعتبار اليوم المدرسي يوم عملٍ عادي، بات من الأسهل على الوالدين أن يعملا لدوامٍ كامل. كما شكّل تقديم وجبة الغداء في المدرسة قرارًا فائق الأهميّة في هذا السياق، إلا أن القرار هذا قد صدر قبل بلوغي المنصب الوزاري. بصفتي وزيرة تربية، حرصت على إدماج القضايا الجنسانيّة في المنهج الدراسي ولم أحتج إلى الاضطلاع بدور ريادي إلاّ أنني دأبت على تطبيق فحوى المنهج الدراسي بصورةٍ أفضل. في الثمانينيات، شغلتُ منصب وزيرة التعاون الانمائي الدولي وقد استفدت من التجارب التي تدلّ على أن دعم المرأة هو بمثابة الاستثمار في المستقبل، إذ غالبًا ما يعكس ذلك منفعةً بالنسبة إلى العائلة كاملةً. والقروض المصغرة المقدّمة من بنك "غرامين" خير دليل على ذلك. لا ريب في أن الرجل قادرٌ أيضًا على إقرار الإصلاحات السياسيّة المذكورة، إلا أنها كانت أقرب إليّ بالفطرة كوني امرأة. والأهمّ في عمل الوزير هو أن يكون مثالاً أعلى يحتذى به. وأعتقد أن وصول امرأة من العامّة إلى منصبٍ وزاري مع تأسيس عائلة خاصّة بها قدّم صورةً إيجابيّة إلى المجتمع. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: ما النهج الذي تتّبعينه في عملك اليوم؟ وكيف تؤثرين في المجتمع وتمضين في تعزيز قضيّة المرأة بعيدًا عن منصبك الوزاري السابق؟ لينا يلم-فالن: بعد الانتهاء من عملي السياسي، بالأحرى الوزاري، دخلت عالم المنظمات غير الحكوميّة. أترأس حاليًا اللجنة السويديّة الأفغانيّة ومركز "أولوف بالم" الدولي، ما يخوّلني أن أعزّز احترام حقوق الإنسان خدمةً لقضايا المرأة عبر عددٍ كبير من المشاريع الصغيرة. ولطالما تطرّقت اللجنة الأفغانيّة في عملها إلى قضايا الصحّة والتعليم مع التركيز على أوضاع المرأة. في السويد، ليس إثبات المساواة بين المرأة والرجل أكثر ما نحتاجه اليوم، فيما يبقى ذلك ضروريًّا في الكثير من دول العالم. إن المسيرة هذه مقدّرة للنساء كلّهنّ، إذ يستحيل تحقيق المساواة بين الجنسين في ليلةٍ وضحاها، فهي عملية تدريجيّة. ويمكنني القول استنادًا إلى تجربتي الخاصّة إن التأثير على القيادة السياسيّة في حزب سياسيّ ما ممكنٌ، لكن لا يكفي أن نحقّق قدرًا مقبولاً من المساواة بين الجنسين في أوساط النخب السياسيّة. فلا بدّ من إحداث هذه التغيّرات على الصعيد المحلّي حيث فهم الإستقامة السياسيّة أقل انتشارًا. ومقارنةً مع السويد حيث الفجوة القائمة بين الجنسين لم تكن عميقة جدًّا، سيتطلّب سدّ الفجوة وقتًا أطول في الدول النامية بسبب الفقر الذي يعزّز عدم المساواة. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: أتتعمّدين ممارسة الضغوط دعمًا لحقوق المرأة أم أنه موضوع مُدمج في عملك؟ لينا يلم-فالن: باتت قضيّة المرأة على مرّ السنوات جزءًا لا يتجزّأ من عملي. إلاّ أنّي تنبّهت أكثر إلى أهميّة الإجراءات المباشرة في تعزيز المساواة بين الجنسين. في البداية، سعيت إلى إدماج قضيّة المساواة في عملي انطلاقًا من المفهوم الطبيعي الذي يقضي بالمساواة للجميع. لكن لا بدّ من مقاربة النساء مباشرةً للتمكّن من تحقيق المساواة بين الجنسين. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: بالكلام عن حدثٍ حاليّ، تجدر الإشارة إلى أنّك ترأست اللجنة الانتخابيّة المسؤولة عن انتخاب رئيس جديد لأكبر الأحزاب في السويد، أي الحزب الديمقراطي الاجتماعي، وقد وقع الاختيار على "مونا ساهلين" وهي أول امرأة تعتلي هذا المنصب. هل تعمّدتم اختيار امرأة؟ لينا يلم-فالن: أشعر بالفخر الشديد تجاه عملية انتقاء المرشحين لانتخاب رئيس الحزب. مع بداية العملية الانتخابيّة، قرّرنا للمرّة الأولى أن نستشير أعضاء الحزب مباشرةً لتحديد السمات الضروريّة في شخصيّة القائد المستقبلي. اجتمع الأعضاء في مكاتبهم الفرعيّة، فدار نقاشٌ مثير للاهتمام أشاروا فيه إلى رغبتهم بانتخاب رئيسٍ قادر على الإصغاء إلى مطالبهم والتواصل معهم. تجلّت أيضًا رغبتهم بالتغيير بعد 117 عامًا من احتكار ذكوري لمنصب الرئاسة، وأرادوا انتخاب امرأة. كما ازداد نظام الأحزاب السويدي نضوجًا مع مضي السنوات ما يعلّل اليوم وجود نساء كثيرات في مناصب حزبية رفيعة. برزت خمس نساء مؤهلات جدًا أمكن ترشيحهن فلكان من المخزي ألاّ ننتخب واحدةً منهن. لكن بالطبع، لم نستثن̗ الرجال من قائمة المرشحين القصيرة إلا أن أعضاء الحزب انتخبوا امرأةً في نهاية المطاف. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: ما هي النصيحة التي تسدينها إلى النساء الأخريات من قائدات ومرشّحات يحاولن تحقيق النجاح في مسيرتهن السياسيّة؟ كما قلت̗ سابقًا اليوم، إن المنافسة تشتدّ أيضًا في صفوف النساء، فكيف تلحظين ذلك؟ لينا يلم-فالن: يجب ألاّ تهاب النساء المنافسة، لا المنافسة النسائيّة وبالأخصّ، لا منافسة الرجال. في بداية مسيرتي المهنيّة، ضعيفًا كان التشبيك بين النساء وكنّا خمسًا في المجلس الوزاري إلاّ أننا لم نجتمع يومًا إلاّ في حضرة الرجال. أمّا اليوم، فالوضع مختلف كثيرًا ومن الطبيعي جدًّا أن تجتمع النساء بغضّ النظر عن الإنتماءات الحزبية. حين شغلت منصب وزيرة الخارجيّة، ثمّنت كثيرًا اقتراح "مادلين أولبرايت" الداعي إلى تشكيل تجمّع لوزيرات الخارجيّة، إذ من المهمّ بالنسبّة إليّ تعزيز قدرات المرأة بالتعاون مع نساء أخريات! بصفتي امرأة سياسيّة، من المهمّ جدًا أن أكون محاطةً بمجموعة أفراد أثق بهم، وهم قادرون على مساعدتي لكي أركّز على فحوى القضايا حين تنهال وسائل الإعلام عليّ بالانتقادات الموجهة إلى شخصي أو إلى شأنٍ خاص. ولربّما ذلك أصعب بالنسبة إلى النساء. لذا أنصح المرأة القائدة أو المرشحة بما يلي: 1) التشبيك مع نساء أخريات. 2) العمل في محيط يضمّ أفرادًا صالحين وأكفاء يوفّرن لك الدعم ويساعدونك على الحفاظ على تركيزك. 3) إدراك أهميّة المعرفة. ليس الطموح والرؤية كافيين. كما سيطلب منك تقديم الإجابات الصائبة حتّى بشأن التفاصيل الأساسيّة. فالسياسة كالمدرسة، تتطلب إتمام الواجبات كاملةً! لا بدّ من التحلّي بالرؤية والمعرفة. أجرت "كاميلا هانسون"، مساعدة أبحاث في المعهد الدولي للديمقراطيّة والمساعدة الانتخابيّة، "وريتا تافورن"، موظّفة برنامج في المعهد الدولي للديمقراطيّة والمساعدة الانتخابيّة، هذه المقابلة.
انتُخبت السيّدة "يلم-فالن" وهي في االخامسة والعشرين من العمر، نائبًا في البرلمان السويدي. بعض مضيّ خمس سنوات، وصلت إلى مجلس الوزراء وكانت الأصغر سنًّا من بين النواب الذين شغلوا منصبًا وزاريًّا في تاريخ السويد. وفي خلال السنوات العشرين التي أمضتها في مجلس الوزراء السويدي، احتلّت مناصب وزيرة التربية والشؤون الثقافيّة ونائب رئيس الوزراء ووزيرة الخارجيّة ووزيرة موكلة مهام خاصّة في مجال التعاون الإنمائي الدولي. أمّا اليوم، فمن بين المسؤوليات التي تضطّلع بها، تشغل موقع رئاسة مجلس إدارة المعهد الدولي للديمقراطيّة والمساعدة الانتخابيّة.
المتن:
شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: حضرة السيّدة يلم-فالن، هلاّ أخبرتنا قليلاً عن خلفيتك؟ لينا يلم-فالن: ترعرعت في مدينة سويديّة صغيرة وكنت أولى المتخرجين في عائلتي من الثانوية العامّة. وبعد إكمال دراستي في جامعة "أوبسالا"، عملت كمدرّسة لمدّة ثلاث سنوات. ثمّ انضممت إلى الفرع المحلّي التابع للحزب الديمقراطي الاجتماعي وإلى فرع الشباب، إلاّ أنني لم أكن عضوًا فاعلاً جدًّا بعد. وفي العام 1968، أي عندما كنت في الخامسة والعشرين من العمر، طلبت مني قيادة الحزب في مقاطعتي أن أترشّح في الانتخابات النيابيّة ولَكَم كانت مفاجأتي كبيرة! وقد أدرج الحزب إسمي في المرتبة الثالثة على قائمة المرشّحين وانتُخبت نائبًا في البرلمان نظرًا لحصول الحزب على ستة مقاعد في المقاطعة. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: برأيك̗، هل كنتِ لَتقدمين على الترشّح إلى الانتخابات البرلمانيّة لو لم يُطلب منك ذلك؟ لينا يلم-فالن: لا، لا أعتقد، ليس وقتذاك على الأقلّ. ربّما لَمضيت في مسيرتي في السياسة المحليّة ولَسعيت ربّما إلى تحقيق أكثر من ذلك. بعد مرور خمس سنوات على دخولي البرلمان، طلب منّي رئيس الوزراء الراحل "أولوف بالم" أن أشارك في الحكومة وأشغل منصب وزيرة التربية. لكني رفضت طلبه في المرّة الأولى إذ كنت أشعر وقتذاك بأن صغر سنّي لا يخوّلني القيام بذلك، ناهيك عن أنّ ابنتي كانت في الخامسة من العمر. إلاّ أنّه لم ينفكّ يطرح عليّ السؤال نفسه بلا كلل على مرّ ثلاثة أشهر وفي نهاية المطاف قبلت طلبه. ولم أقبل المنصب إلاّ بعد مناقشات مطوّلة أجريتها مع عائلتي، إذ لا بدّ من التيقّن إلى أن الوظيفة هذه متطلّبة جدًّا والسبيل الأوحد لمواجهة التحديات الكامنة فيها يمرّ عبر دعم العائلة. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: تشير الإحصاءات الحاليّة في السويد إلى أن المرأة تشغل 47% من المقاعد النيابيّة بخلاف الوضع الذي ساد عام 1969، حين دخلت̗ إلى البرلمان للمرّة الأولى عندما لم تحتل المرأة سوى 16% من المقاعد البرلمانيّة. هل تبدّل سلوكك نظرًا لأنّك امرأة ؟ لينا يلم-فالن: نعم، بالطبع، تختلف التوليفة البرلمانيّة الحاليّة بشكلٍ جذري مقارنة مع أول مجلس شاركت فيه، إلا أن صغر سنّي كان في الواقع العنصر الأكثر خروجًا عن المألوف. وقد احتاج الحزب وقتذاك إلى الخبرة والتجديد وما كوني امرأة سوى ميزة إضافيّة! كما توصّل الحزب إلى تفاهم داخلي يقضي بتخصيص مقعد واحد على الأقلّ من المقاعد الستّ التي تعود إلى الحزب في مقاطعتي إلى النساء. وانبثق التيار الفكري هذا إلى حدٍّ كبير من أعضاء قيادة الحزب أنفسهم. كما ركّز رئيس الوزراء "أولوف بالم" وخلفه "إنغفار كارلسون" خير تركيز على التوصّل إلى تعزيز المساواة في تشكيلة الحزب. وأعرف تمام المعرفة أن زوجة "بالم"، السيّدة "ليزباث بالم"، هي التي دعت بشكلٍ خاص إلى تحقيق المساواة، وقد ازداد بالفعل عدد النساء المشاركات في مجلس الوزراء عام 1974، إذ شغلنا 5 مقاعد من عشرين. وفي أواخر السبعينيّات، علا صوت في قيادة الحزب يدعو إلى اعتماد المساواة بين المرأة والرجل معيارًا، وأوعزت المكاتب الحزبيّة بتعيين النساء وبالتوصّل إلى تكافؤ جنسي هو 40% للنساء مقابل 60% للرجال، إلاّ أن الإيعاز هذا ما كان يومًا قانونًا. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: ما هي التغييرات الملموسة التي أنجزتها في خلال ولايتك خدمةً للمرأة عمومًا؟ وما هو بالنسبة إليك أهمّ إنجاز أحرزته في ولايتك الوزاريّة؟ لينا يلم-فالن: في خلال ولايتي النيابيّة، شكّلت عمليّة إصلاح نظامَي الضرائب والضمان الاجتماعي أهمّ مواضيع الساعة. وتمكنّا من توحيد الأزواج والزوجات تحت رايةٍ واحدة، فاعتبروا أفرادًا يتحلّون بالحقوق والمسؤوليات الاقتصاديّة عينها في العائلة الواحدة. وأرسينا بذلك أسس المساواة. بصفتي وزيرة التربية، اعتبرت إصلاح العمل الداخلي في المدرسة أكثر الإصلاحات إفادةً بالنسبة إلى المرأة إذ غالبًا ما حصل الأولاد قبل الإصلاح على فترة فراغ في منتصف النهار، فكيف يمكن الاعتناء بالأولاد الأصغر سنًّا؟ كانت الأمّ تضطرّ إلى المكوث في المنزل للاعتناء بالأولاد في خلال فترة الفراغ المدرسي. وباعتبار اليوم المدرسي يوم عملٍ عادي، بات من الأسهل على الوالدين أن يعملا لدوامٍ كامل. كما شكّل تقديم وجبة الغداء في المدرسة قرارًا فائق الأهميّة في هذا السياق، إلا أن القرار هذا قد صدر قبل بلوغي المنصب الوزاري. بصفتي وزيرة تربية، حرصت على إدماج القضايا الجنسانيّة في المنهج الدراسي ولم أحتج إلى الاضطلاع بدور ريادي إلاّ أنني دأبت على تطبيق فحوى المنهج الدراسي بصورةٍ أفضل. في الثمانينيات، شغلتُ منصب وزيرة التعاون الانمائي الدولي وقد استفدت من التجارب التي تدلّ على أن دعم المرأة هو بمثابة الاستثمار في المستقبل، إذ غالبًا ما يعكس ذلك منفعةً بالنسبة إلى العائلة كاملةً. والقروض المصغرة المقدّمة من بنك "غرامين" خير دليل على ذلك. لا ريب في أن الرجل قادرٌ أيضًا على إقرار الإصلاحات السياسيّة المذكورة، إلا أنها كانت أقرب إليّ بالفطرة كوني امرأة. والأهمّ في عمل الوزير هو أن يكون مثالاً أعلى يحتذى به. وأعتقد أن وصول امرأة من العامّة إلى منصبٍ وزاري مع تأسيس عائلة خاصّة بها قدّم صورةً إيجابيّة إلى المجتمع. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: ما النهج الذي تتّبعينه في عملك اليوم؟ وكيف تؤثرين في المجتمع وتمضين في تعزيز قضيّة المرأة بعيدًا عن منصبك الوزاري السابق؟ لينا يلم-فالن: بعد الانتهاء من عملي السياسي، بالأحرى الوزاري، دخلت عالم المنظمات غير الحكوميّة. أترأس حاليًا اللجنة السويديّة الأفغانيّة ومركز "أولوف بالم" الدولي، ما يخوّلني أن أعزّز احترام حقوق الإنسان خدمةً لقضايا المرأة عبر عددٍ كبير من المشاريع الصغيرة. ولطالما تطرّقت اللجنة الأفغانيّة في عملها إلى قضايا الصحّة والتعليم مع التركيز على أوضاع المرأة. في السويد، ليس إثبات المساواة بين المرأة والرجل أكثر ما نحتاجه اليوم، فيما يبقى ذلك ضروريًّا في الكثير من دول العالم. إن المسيرة هذه مقدّرة للنساء كلّهنّ، إذ يستحيل تحقيق المساواة بين الجنسين في ليلةٍ وضحاها، فهي عملية تدريجيّة. ويمكنني القول استنادًا إلى تجربتي الخاصّة إن التأثير على القيادة السياسيّة في حزب سياسيّ ما ممكنٌ، لكن لا يكفي أن نحقّق قدرًا مقبولاً من المساواة بين الجنسين في أوساط النخب السياسيّة. فلا بدّ من إحداث هذه التغيّرات على الصعيد المحلّي حيث فهم الإستقامة السياسيّة أقل انتشارًا. ومقارنةً مع السويد حيث الفجوة القائمة بين الجنسين لم تكن عميقة جدًّا، سيتطلّب سدّ الفجوة وقتًا أطول في الدول النامية بسبب الفقر الذي يعزّز عدم المساواة. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: أتتعمّدين ممارسة الضغوط دعمًا لحقوق المرأة أم أنه موضوع مُدمج في عملك؟ لينا يلم-فالن: باتت قضيّة المرأة على مرّ السنوات جزءًا لا يتجزّأ من عملي. إلاّ أنّي تنبّهت أكثر إلى أهميّة الإجراءات المباشرة في تعزيز المساواة بين الجنسين. في البداية، سعيت إلى إدماج قضيّة المساواة في عملي انطلاقًا من المفهوم الطبيعي الذي يقضي بالمساواة للجميع. لكن لا بدّ من مقاربة النساء مباشرةً للتمكّن من تحقيق المساواة بين الجنسين. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: بالكلام عن حدثٍ حاليّ، تجدر الإشارة إلى أنّك ترأست اللجنة الانتخابيّة المسؤولة عن انتخاب رئيس جديد لأكبر الأحزاب في السويد، أي الحزب الديمقراطي الاجتماعي، وقد وقع الاختيار على "مونا ساهلين" وهي أول امرأة تعتلي هذا المنصب. هل تعمّدتم اختيار امرأة؟ لينا يلم-فالن: أشعر بالفخر الشديد تجاه عملية انتقاء المرشحين لانتخاب رئيس الحزب. مع بداية العملية الانتخابيّة، قرّرنا للمرّة الأولى أن نستشير أعضاء الحزب مباشرةً لتحديد السمات الضروريّة في شخصيّة القائد المستقبلي. اجتمع الأعضاء في مكاتبهم الفرعيّة، فدار نقاشٌ مثير للاهتمام أشاروا فيه إلى رغبتهم بانتخاب رئيسٍ قادر على الإصغاء إلى مطالبهم والتواصل معهم. تجلّت أيضًا رغبتهم بالتغيير بعد 117 عامًا من احتكار ذكوري لمنصب الرئاسة، وأرادوا انتخاب امرأة. كما ازداد نظام الأحزاب السويدي نضوجًا مع مضي السنوات ما يعلّل اليوم وجود نساء كثيرات في مناصب حزبية رفيعة. برزت خمس نساء مؤهلات جدًا أمكن ترشيحهن فلكان من المخزي ألاّ ننتخب واحدةً منهن. لكن بالطبع، لم نستثن̗ الرجال من قائمة المرشحين القصيرة إلا أن أعضاء الحزب انتخبوا امرأةً في نهاية المطاف. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: ما هي النصيحة التي تسدينها إلى النساء الأخريات من قائدات ومرشّحات يحاولن تحقيق النجاح في مسيرتهن السياسيّة؟ كما قلت̗ سابقًا اليوم، إن المنافسة تشتدّ أيضًا في صفوف النساء، فكيف تلحظين ذلك؟ لينا يلم-فالن: يجب ألاّ تهاب النساء المنافسة، لا المنافسة النسائيّة وبالأخصّ، لا منافسة الرجال. في بداية مسيرتي المهنيّة، ضعيفًا كان التشبيك بين النساء وكنّا خمسًا في المجلس الوزاري إلاّ أننا لم نجتمع يومًا إلاّ في حضرة الرجال. أمّا اليوم، فالوضع مختلف كثيرًا ومن الطبيعي جدًّا أن تجتمع النساء بغضّ النظر عن الإنتماءات الحزبية. حين شغلت منصب وزيرة الخارجيّة، ثمّنت كثيرًا اقتراح "مادلين أولبرايت" الداعي إلى تشكيل تجمّع لوزيرات الخارجيّة، إذ من المهمّ بالنسبّة إليّ تعزيز قدرات المرأة بالتعاون مع نساء أخريات! بصفتي امرأة سياسيّة، من المهمّ جدًا أن أكون محاطةً بمجموعة أفراد أثق بهم، وهم قادرون على مساعدتي لكي أركّز على فحوى القضايا حين تنهال وسائل الإعلام عليّ بالانتقادات الموجهة إلى شخصي أو إلى شأنٍ خاص. ولربّما ذلك أصعب بالنسبة إلى النساء. لذا أنصح المرأة القائدة أو المرشحة بما يلي: 1) التشبيك مع نساء أخريات. 2) العمل في محيط يضمّ أفرادًا صالحين وأكفاء يوفّرن لك الدعم ويساعدونك على الحفاظ على تركيزك. 3) إدراك أهميّة المعرفة. ليس الطموح والرؤية كافيين. كما سيطلب منك تقديم الإجابات الصائبة حتّى بشأن التفاصيل الأساسيّة. فالسياسة كالمدرسة، تتطلب إتمام الواجبات كاملةً! لا بدّ من التحلّي بالرؤية والمعرفة. أجرت "كاميلا هانسون"، مساعدة أبحاث في المعهد الدولي للديمقراطيّة والمساعدة الانتخابيّة، "وريتا تافورن"، موظّفة برنامج في المعهد الدولي للديمقراطيّة والمساعدة الانتخابيّة، هذه المقابلة.