ماري روبنسون
ما يستوقفني هو كم يسهل على النساء اللواتي تمكنّ من شغل مناصب رسميّة رفيعة الإقرار بأخطائهنّ وإثارة المشاكل التي يواجهنها مقارنة مع نظرائهن من الرجال.
المتن:
شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: كنتِ المرأة الأولى التي تصل إلى سدّة الرئاسة في إيرلندا. فما هي التحدّيات التي واجهتها كونك امرأة في هذا المنصب القيادي؟ وكيف استفدت من خلفيّتك لمواجهة هذه التحديات؟? ماري روبنسون: حين تم اختياري لأكون من المرشحين الثلاث للرئاسة، كنت غريبةً عن هذا المجال، إذ لم أحظَ بخلفيّة سياسيّة، كما دلّت التوقعات إلى أن الفوز سيكون من نصيب نائب رئيس الوزراء. ولا بدّ من أن نذكّر أن الرئاسة في إيرلندا تختلف تمامًا عمّا هي في الولايات المتحدة الأميركيّة أو فرنسا أو الكثير من الدول النامية. فالرئاسة في إيرلندا هي منصب غير تنفيذي، تناوب عليه ستّة رجال من قبلي انتُخبوا وفقًا للدستور. وكان الرؤساء الستّ من قبلي، كبارًا في السنّ نسبيًّا وتلقّوا دعم الحزب السياسي الأهم والأكبر في البلاد، لذا شكّل ترشيحي تحدّيًّا لكلّ ذلك. أذكر أنّني رُشّحت قبل منافسَيّ ورحت أطالب بمنصب رئاسي يكون أكثر فعاليّة وأقرب إلى المجتمع وهواجسه وأنشطته. طالبتُ برئاسةٍ تمثّل إيرلندا في الخارج بأسلوبٍ يتوافق مع تاريخنا أي أن نمدّ يد العون إلى الدول النامية في كفاحها. فلاقت حججي الإعجاب وفزت في الانتخابات ثمّ أصبح التحدّي يكمن في تطبيق رؤيتي الرامية إلى تفعيل دور الرئاسة وجعلها أقرب إلى المجتمع. لقد قمتُ بزيارة مختلف المجموعات داخل المدن والمناطق الريفيّة والقرى وحتى الجزر، وراقبت التنمية الذاتية الجارية في تلك المجتمعات المحليّة، وأعتقد أن تلك الزيارات كانت هامّة جدًّا. وبعيد تنصيبي، تلقّيت دعوات من مجموعات عدّة من المجتمع المدني لافتتاح مركزٍ ما أو لحضور احتفال بمرور عشر سنوات على انطلاق أنشطة خاصّة بالأطفال أو بالكبار في السنّ أو للمشاركة بغيرها من الأنشطة المحليّة الهامّة. وقد كتب أحد مستشاري من أمانة السرّ على هذه الدعوات ملاحظةً انطبعت في ذاكرتي وهي: "ليس هذا الحدث بالأهميّة الكافية التي تستدعي حضور السيّدة الرئيسة". وبعد أن تلقّيت ملاحظتين أو ثلاث من هذا النوع، قلتُ ما يلي: "أنا هي الرئيسة، وأقول إن هذه الأحداث هامّة. نعم، لن أستطيع أن أشارك فيها كلّها، لكن من المهم إستراتيجيًّا أن أحضر بعضها لأبرهن أن عمل هؤلاء الأفراد وتلك المجموعات هام، وأنّ التطوّر الذاتي الحاصل في تلك المجتمعات يبدّل ملامح إيرلندا المعاصرة." وقد صادف أن الكثير من الناشطين في المجتمعات المحليّة هم من النساء. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: هلاّ أخبرت قرّاءنا عن تغيير تفتخرين به بصورةٍ خاصّة أحدثته في خلال توليك منصب الرئاسة، ربّما هو تغيير صبّ في مصلحة المرأة ولا يزال وقعه متواصلاً حتى بعد انتهاء ولايتك؟ ماري روبنسون: لربما أكثر عمل أفتخر به هو التواصل مع النساء العاملات في إيرلندا الشماليّة من البروتستانت والكاثوليك، ودعوتهنّ للحضور إلى العاصمة "دبلن". فكنّ يرتدين الفساتين والسترات الجديدة تحضيرًا لحدثٍ استثنائي بالنسبة إليهنّ، هو أولاً المجيء من "بلفاست" إلى "دبلن"، وثانيًا، زيارة مقرّ الرئاسة. وقد أجرينا نقاشات رائعة وأثنيت عليهنّ نظرًا للعمل الذي كنّ ينجزنه في مناطق عدّة ولِما تحلّين به من شجاعة، إذ تيقنّ أن السلام يبنى خطوةً تلو الأخرى على طريق ردم الهوّة القديمة في "بلفاست" ووأد نار العنف. كما تكلّمت على حاجة إيرلندا إلى المزيد من الانفتاح واحترام التنوّع وإلى نقل هذه القيم في نهاية المطاف إلى الإيرلنديين في بلاد الاغتراب. فمن حسن حظّنا، افتخر أكثر من سبعين مليون شخص في العالم بإرثهم الإيرلندي ما شكّل إمكانيّة رائعة لتخصيب أرضيّة السلام في إيرلندا الشماليّة، سلام تحقّق في نهاية المطاف. إضافة إلى ذلك، ألقيت عدّة خطابات في مناسبات معيّنة مثمّنةً مساهمة المرأة مع ذكر النساء المنخرطات في أنشطة المجتمع المدني بشكلٍ خاص. إذ حاولت أن أحوّل الحركة النسائيّة الإيرلنديّة إلى حركة أكثر تضمينيّة كي تشعر جميع النساء بأن ما يسمّى بالحركة النسائيّة تعمل على تمكينهن لا على عزلهن. غالبًا ما سمعتُ بعض النساء يقول هذه الجملة، "أنا، لا، لست مهمّة، أنا مجرّد ربّة منزل"، وكنت أجيب دومًا، "لكن كيف تساهمين في مجتمعك؟"، فجاء الردّ، "أقوم بهذا العمل وأدير ذاك النشاط...". لذا، كان يتضّح لي أن خلف جملة "أنا مجرّد ربّة منزل"، يختبئ فرد فعال جدًّا في المجتمع. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: إضافةٍ إلى مناصرة اعتماد قوانين مراعية للمنظور الجنساني في إيرلندا، عملتِ بنشاط على تعزيز حقوق الإنسان والتنمية المتساوية بين الجنسين في جميع أنحاء العالم. كيف تصفين بالتالي، تجربتك كمفوّضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان؟ وكونك امرأة، هل عشت تجارب خاصّة وهل أثّر هذا العامل على وجهة نظرك ونجاحك في هذا المنصب؟ ماري روبنسون: حين عُيّنت في منصب مفوّضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان عرفتُ أنّه لا بدّ من أن أبرهن عن مهارات قياديّة إيجابيّة تُعزى إلى كوني امرأة، تمامًا كما كان من المهم بصفتي رئيسة للبلاد أن أنتهج أسلوبًا يركّز على المهارات القياديّة لدى النساء. فنسبة كبيرة من خروق حقوق الإنسان في العالم تستهدف المرأة على غرار فظائع العنف القائم على الجنسانيّة والاتجار بالبشر والتمييز. وأعتقد أن من بين الأدوار التي اضطّلعت بها في هذا السياق، هو التركيز على هذه القضايا وإثارتها باستمرار ناهيك عن تشجيع النساء الأخريات. كما شجّعتُ الأمين العام للأمم المتحدة "كوفي أنان" على تعيين امرأة في منصب الممثل الخاص للأمين العام المعني بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان. وقد وقع الاختيار على "هينا جيلاني" التي حققت نجاحات باهرة ولازالت تشغل المنصب حتّى اليوم. ومن المفيد أيضًا أنها امرأة، إذ حين تعمل على قضايا معقّدة في الميدان، هي قادرة على توصيف أعمال الاغتصاب وغيرها، كجرائم شنيعة تُرتكب في أوقات الحرب. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: لقد زرتِ في أيلول/ سبتمبر، 2007، مخيّمات للاجئين في تشاد ثمّ إثر هذه الزيارة، توليت رئاسة مجموعة من المسؤولات السياسيّات من جميع أنحاء العالم وصغت معهنّ رسالة مفتوحة لإدانة اللجوء إلى أعمال الاغتصاب والعنف الجنسي كسلاح حرب في دارفور وطالبتنّ بوضع حدّ لذلك. كما دعوتنّ النساء إلى المشاركة في محادثات السلام. كيف يمكن النساء في المعترك السياسي أن يساعدن في تعزيز أمن النساء المحتجزات في مناطق النزاعات وفي القضاء على العنف ضدّ المرأة في تلك المناطق؟ ماري روبنسون: أعي تمام الوعي أنّ المرأة باتت تشغل ما يكفي من المناصب القياديّة على المستوى الوطني وفي المنظمات الدوليّة وعالم الأعمال وفي ميادين الأخرى في المجتمع المحلّي، لذا لا بدّ من أن نشهد على المزيد من التغيير والإنجازات. لذلك عملت على تعزيز القيادات النسائيّة الجماعيّة وتشجيعها لا سيّما في التعامل مع قضايا الأمن البشري. نظّمت مجموعات عدّة مؤتمرًا كبيرًا في "نيويورك" في شهر ت2/ نوفمبر، أذكر من بينها "منتدى القائدات ما بين الثقافات" الذي يعمل في إطار مبادرة "إعمال الحقوق" (Realizing Rights) إضافة إلى "المجلس العالمي للقيادات النسائيّة" الذي أترأسّه. وقد سلّطنا الضوء في المؤتمر على مختلف أوجه الأمن البشري وعلى ضرورة اضطّلاع الحكومات بمسؤوليّاتها الأمنيّة في مناطق مثل دارفور وشرق تشاد. كما ركّزنا على الاضطرابات الاقتصاديّة وآثار التغيّر المناخي وأبعاد التغير المناخي الجنسانيّة على المجتمعات الفقيرة. إلى ذلك، سعينا إلى إيجاد سبل التعاون وكانت زيارة تشاد مثالاً على هذا التعاون. ومن الأمثلة الأخرى، أشير إلى التعاون من أجل دعم "إيلين جونسون سيرليف" في ليبيريا، أكان ذلك في خلال التحضيرات التي أطلقَتها لتنظيم منتدى عالمي ضخم جدًّا بشأن أمن المرأة في ليبيريا في آذار/ مارس 2009، أم في إطار تعزيز عمليّة تمكين النساء والفتيات في ليبيريا. وآمل من الآن فصاعدًا أن تتكرّر الزيارات على غرار زيارة شرق تشاد، وأن تنمو الأنشطة العمليّة في إطار تعاون جماعي بين القائدات السياسيّات بهدف معالجة المشاكل كافّة. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: أنت عضو في مجلس قيادة "التحالف العالمي المعني بالمرأة والأيدز". ونظرًا لارتفاع عدد الإصابات بالمرض في صفوف النساء بشكل خاص، كيف يمكن القائدة السياسيّة أن ترسم ملامح الاستجابة الوطنيّة كي تتأكّد من الاستجابة إلى حاجات النساء والفتيات؟ ماري روبنسون: إن تشكيل مجلس القيادة مهمّ لأن الوضع خطير للغاية. وفي خلال مؤتمر عُقد في نيروبي في خلال شهر تمّوز/ يوليو الماضي بشأن المرأة ومرض الأيدز، شكّل حضور خمسمئة امرأة مصابات بالمرض عاملاً يحمل دلالات هامّة. وقد استمعت إلى قصصهنّ عن التمييز وعن نساء طردن من منازلهنّ وعن هشاشة الفتيات اللواتي هنّ أكثر عرضة للإصابة بالمرض بأربعة، خمسة أو حتّى ستّة مرّات بسبب العلاقات السلطويّة القائمة وبسبب عدم قدرتهنّ على الرفض في بعض الظروف. لذا أودّ أن أشهد مشاركة أكبر من جهة القيادات النسائيّة الجماعيّة بشأن قضايا صحّة المرأة. والنسبة الوحيدة التي لا تشهد أيّ تحسن هي نسبة النساء اللواتي يمتن في خلال الوضع أو قبيل الوضع أو بعيده. فأن معدلات وفيّات الأمّهات المرتفعة تشكّل صدمة حقيقيّة، لذا لا بدّ من التشديد أكثر على هذه القضايا إذ أنها تمسّ حياة العائلات والمجتمعات. والأمر سيّان بالنسبة إلى صحّة المرأة عمومًا وإلى ضرورة تعزيز الصحّة الإنجابيّة والتركيز على المراهقات. وليس التحالف العالمي المعني بالمرأة والأيدز سوى مبادرة واحدة من مختلف المبادرات التعاونيّة الأوسع الضروريّة في سياق صحّة المرأة التي هي في طور النمو. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: تركّز مبادرة "إعمال الحقوق: مبادرة العولمة الأخلاقية" التي أطلقتها على عدّة قضايا منها تعزيز القيادات النسائيّة. كيف تساعد هذه المبادرة على تحقيق الهدف المذكور؟ ماري روبنسون: نركّز في هذه المقاربة على قضايا القيادة عمومًا، في مجالي الأعمال والسياسة، وعلى القيادات النسائيّة خصوصًا. كما اهتممنا بصورةٍ خاصّة بضرورة تشييد الجسور الثقافيّة والإقليميّة بين القائدات وإيجاد أرض مشتركة بين مختلف الأجيال لتشعر القائدات الشابات أنهنّ على تواصل مع أخريات وأنهنّ يملكن فرصة التعبير عن وجهات نظرهنّ ورفع الصوت. لذلك قررنا إنشاء "منتدى القائدات ما بين الثقافات" (Women Leaders Intercultural Forum) بالتعاون مع منظمات أخرى وهو يعمل حاليًا في إطار مبادرة "إعمال الحقوق". كما نجتمع في مناطق عدّة، فعلى سبيل المثال، عقدنا مؤخرًا اجتماعًا في الأردن بمبادرة مشتركة مع جلالة الملكة رانيا، حضرته مختلف قائدات المنطقة. إضافة إلى ذلك، عقدنا اجتماعات عدّة في كينيا وشاركنا في قمّة ذكرتها سابقًا بشأن القيادات النسائيّة. ونحن مشاركون إلى حدّ كبير في مشروع دعم ليبيريا تحضيرًا لمؤتمر العام 2009. فلنكن واقعيين، تستطيع القائدات خصوصًا والجميع عمومًا تقديم مساهمات هامّة من خلال شبكة iKNOW Politics. فحين يُطلب من إحدانا، أي من الناشطات السياسيّات الفاعلات، أن تشارك في مؤتمر ما، غالبًا ما تكتشف أن ما من نساء أخريات في لجنة الخبراء أم أنها المرأة الوحيدة التي تلقي خطابًا رئيسًا. لا بدّ من أن نفاوض الجهات المنظّمة فنقول، "أعرف أنكم دعوتم امرأة واحدة لكني أعرف شابات كثيرات مناسبات لهذا المؤتمر، إليكم أسماءهنّ علمًا أنهن ماهرات جميعًا وأيّ منهن ستفي بالمهمّة." أم نقول، "أعرف أنكم لم تعينوا لجنة خبراء قادرة على تسليط الضوء على الأبعاد الجنسانيّة." إذ غالبًا ما لا تتطرّق المؤتمرات إلى الأبعاد الجنسانيّة بصورة متوازنة أفي إطار التغيّر المناخي، أم الاقتصاد العالمي، أم غير ذلك. لذا، نحن بحاجة إلى التحلي بأسلوب استباقي في إطار التفاوض من جديد حول شروط المؤتمرات وإني على ثقة بأن شبكة iKNOW Politics يمكنها أن تنجز الكثير في هذا السياق. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: أنت رئيسة "المجلس العالمي للقيادات النسائيّة" وهي شبكة تضمّ رئيسات الدول والحكومات الحاضرات والسابقات. فما دور هذه الشبكة في إعطاء صوت موحّد للمرأة في أعلى مستويات الحكم؟ ماري روبنسون: هي شبكة مفيدة لأنها تظهر النساء اللواتي بلغن سابقًا مناصب حكوميّة واللواتي يواصلن ولاياتهنّ. وهي من بين المنظّمات التي ساعدت في تعزيز هدف استحداث قيادة نسائيّة جماعيّة وفاعلة. كما يشارك "المجلس العالمي للقيادات النسائيّة" في تنظيم مبادرة القيادة الوزاريّة بشأن الصحّة التي ستعمل على جمع وزيرات الصحّة في حيّز واحد. إلى ذلك، عملنا على تشجيع غيرها من شبكات الوزيرات مثل شبكة وزيرات البيئة اللواتي تمكنّ، من خلال حضورهنّ، من التأثير على جدول أعمال "مؤتمر القمة العالمي حول التنمية المستدامة" في "جوهانسبرغ". إذ أشرن إلى أن مسودّة جدول الأعمال افتقرت إلى المنظور الجنساني ونجحن في تعديل ذلك. كما أننا أقمنا شبكة أوسع تضمّ وزيرات شؤون المرأة وجمعن النساء العاملات في الصناعة والتجارة وباتت أعيننا شاخصة نحو التربية. إذ أن عدد وزيرات التربية مرتفع للغاية لذا نريد أن نتعاون معهنّ في السنوات المقبلة. كما نعمل على الحصول على تغطية أوسع من أجل تشجيع نساء أخريات ليعين أن المرأة لطالما شغلت مناصب رسميّة رفيعة. غالبًا ما أفاجئ الناس حين أخاطب حضورًا فأقول: "كم يبلغ برأيكم عدد أعضاء المجلس العالمي للقيادات النسائيّة؟". والجواب هو أن عددنا يصل حاليًا إلى أربعين عضوًا ما لا يثير إعجاب الحضور، خصوصًا وأن هذا العدد يشمل ثلاث دعوات آمل في أن تلبّى قريبًا. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: كيف يمكن برأيك أن تساعد المشاركة في شبكة مثل شبكة iKNOW Politicsالمرأة في المناصب الوزاريّة؟ ماري روبنسون: أدعم بشدّة زيادة صلات الوصل والتضامن بين النساء في مواقع المسؤوليّة. إذ تحاول المرأة ممارسة دورها القيادي بطريقة مختلفة أي من خلال السعي إلى حلّ المشاكل. ومن خلال هذه الشبكة، نستطيع تبادل الخبرات والدعم وهي شبكة هامّة بحدّ ذاتها. قد نستخدم هذه الشبكة أيضًا لتبادل المعلومات وتعبئة الرأي العام العالمي ما يزداد أهميّة يومًا بعد يوم. فمثلاً، قد أطلب من شبكة iKNOW Politics أن تساعدنا على الترويج لحملة "لكل إنسان حقوق" [1] التي أطلقناها مؤخرًا في إطار تجمّع "الحكماء" (Elders) بمبادرة "نيلسون مانديلا"، بهدف الاحتفال بالذكرى الستين لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان طوال العام 2008. وسنركّز في كلّ شهر على موضوع جديد علمًا أن موضوع شهر آذار/ مارس سوف يكون، "لكلّ امرأة حقوق". ونداؤنا موجّه إلى الجميع ليزوروا الموقع الإلكتروني ويقرأوا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ويوقّعوا على تعهّد مفاده، "أتمنى تحمل مسؤولية دعم أهداف الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في حياتي اليومية وفي مجتمعي." إذ نشعر أن معرفة هذه الحقوق هو الحق الطبيعي لكل فرد وهو حقّ شخصي وعندما يُحقق ذلك، ستولي الحكومات اهتمامًا أكبر لاحترام هذه الحقوق على المستوى العالمي. ومن الإيجابي أن تشارك المرأة بكثافة في هذا التحوّل. إذ القائدة الملهمة "إليانور روزيفيلت"، هي التي قررت جمع عدد من المحامين ليصوغوا مسودّة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. لذا نودّ أن نكرّمها وأن نكرّم رؤيتها من خلال التركيز ليس على حقوق الإنسان فحسب، بل أيضًا على حقوق المرأة كما من خلال إلقاء الضوء على أهميّة حقوق النساء والفتيات في سياق الحملة. كما يجدر بالنساء أن يتشاطرن التجارب العمليّة في إطار الحكم لتدخل في سياق التوجيه المقدّم إلى الشابات القائدات ويمكن أن تقدّم شبكة iKNOW Politicsالمساعدة في هذه النشاطات، لا بل هذا من واجبها. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: بمَ تنصحين أعضاء شبكة iKNOW Politics، لا سيّما النساء منهم، مرشّحات كنّ أم مسؤولات سياسيّات، في سياق تطوّر مسيراتهنّ السياسيّة؟ ماري روبنسون: يصعب تقديم نصيحة واحدة لأن الصعوبات والعوائق كثيرة، مثل التمويل أو عدم توافر ما يكفي من الوقت لتقبل المرأة ترشيح الحزب لها في ظلّ جميع المسؤوليات التي تضطّلع بها. لكن الشجاعة والثقة بالنفس عاملان لا غنى عنهما. إذ، ألحظ أحيانًا أن المرأة أقل ثقةً بنفسها وتتردّد في اعتماد رؤية أو هدف لربّما هما موجودان أصلاً في داخلها إلاّ أنّها تقول، "لكن، من أنا لأنجح في هذه المهمّة؟" فيما لا تساور الشكوك نفسها الرجل. أعتقد أن ذلك يعزى جزئيًّا إلى أن المرأة لم تعتد بعد التواجد في منصب سلطوي. فإن نطقتَ بكلمتي "رئيس الوزراء"، يفترض الجميع أنك تقصد رجلاً ما خلا في بعض الظروف الاستثنائيّة التي يُفهم أنك تتكلّم على امرأة، وينطبق ذلك على مختلق المناصب. يذكّرني ذلك بدعابة أرددها مع خلفي الحالي لرئاسة إيرلندا. لقد شغلتُ منصب رئيسة البلاد طوال سبع سنوات وحين انتقلت للعمل في الأمم المتحدة، خلفتني الرئيسة الحاليّة "ماري ماك أليس" التي أنهت ولاية أولى من سبع سنوات وهي تواصل حالية ولايتها الثانية. كما أنها لم تواجه معارضة سياسيّة لأنها تقوم بعملها على أكمل وجه. لذلك بتنا نقول ممازحتين إنّ الفتية في إيرلندا يبكون قائلين، "لم لا أستطيع أن أكون رئيسًا حين أكبر؟" فهم لم يروا رجلاً في منصب الرئاسة طوال 14 عامًا وستطول تلك الفترة لتبلغ 21 عامًا. وهذا هو تحديدًا مغزى كلامي، فالفتيات معتادات على رؤية الرجال يشغلون المناصب الهامّة. لذا، في المقابل، من الجيّد أن تراود الشكوك الفتية عمّا إذا يمكنهم أن يصبحوا رؤساء يومًا ما. هذه نكتة طبعًا، لكنها تحمل مغزى هامًا. لستُ من اللواتي يخلن أن على امرأة مساندة المرشحات النساء بغضّ النظر عن مؤهلاتهنّ، فلا بدّ من أن نتخلّى عن هذا المنطق. في المقابل، ليست القضيّة "قضيّة دعم المرشحات النساء لأننا جميعًا نساء"، بل الواقع هو أننا بحاجة بالفعل إلى عدد أكبر من النساء في مناصب المسؤوليّة، خدمةً لمصلحة البشرية جمعاء، أي خدمة للنساء والرجال معًا. وما لا ريب فيه هو أن بلوغ هذه المناصب صعب بالنسبة إلى عدد من النساء المؤهلات نظرًا لجميع العوائق الموجودة. وما يستوقفني هو كم يسهل على النساء اللواتي تمكنّ من شغل مناصب رسميّة رفيعة الإقرار بأخطائهنّ وإثارة المشاكل التي يواجهنها مقارنة مع نظرائهن من الرجال. فكما لو أننا لم نتقبّل بعد إمكانيّة فوزنا في الانتخابات أم بمناصب رسميّة رفيعة، فحين يحدث ذلك، نفرض رقابة ذاتية على أنفسنا وعملنا. وهذه ميزة حقيقيّة، لذا إن جزءًا من النصيحة التي أقدمها النساء هو أن يتمتّعن بالثقة بالنفس وأن يؤمنّ بأنهن قادرات على تقديم إسهامات قيّمة. فنحن بحاجة إلى مساهمات كهذه من المزيد من النساء، لذا، واظبن على العمل أملاً في أن تحصلن على الدعم الذي تستحققنه. (نيويورك، 30 ك2/ يناير، 2008).
ما يستوقفني هو كم يسهل على النساء اللواتي تمكنّ من شغل مناصب رسميّة رفيعة الإقرار بأخطائهنّ وإثارة المشاكل التي يواجهنها مقارنة مع نظرائهن من الرجال.
المتن:
شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: كنتِ المرأة الأولى التي تصل إلى سدّة الرئاسة في إيرلندا. فما هي التحدّيات التي واجهتها كونك امرأة في هذا المنصب القيادي؟ وكيف استفدت من خلفيّتك لمواجهة هذه التحديات؟? ماري روبنسون: حين تم اختياري لأكون من المرشحين الثلاث للرئاسة، كنت غريبةً عن هذا المجال، إذ لم أحظَ بخلفيّة سياسيّة، كما دلّت التوقعات إلى أن الفوز سيكون من نصيب نائب رئيس الوزراء. ولا بدّ من أن نذكّر أن الرئاسة في إيرلندا تختلف تمامًا عمّا هي في الولايات المتحدة الأميركيّة أو فرنسا أو الكثير من الدول النامية. فالرئاسة في إيرلندا هي منصب غير تنفيذي، تناوب عليه ستّة رجال من قبلي انتُخبوا وفقًا للدستور. وكان الرؤساء الستّ من قبلي، كبارًا في السنّ نسبيًّا وتلقّوا دعم الحزب السياسي الأهم والأكبر في البلاد، لذا شكّل ترشيحي تحدّيًّا لكلّ ذلك. أذكر أنّني رُشّحت قبل منافسَيّ ورحت أطالب بمنصب رئاسي يكون أكثر فعاليّة وأقرب إلى المجتمع وهواجسه وأنشطته. طالبتُ برئاسةٍ تمثّل إيرلندا في الخارج بأسلوبٍ يتوافق مع تاريخنا أي أن نمدّ يد العون إلى الدول النامية في كفاحها. فلاقت حججي الإعجاب وفزت في الانتخابات ثمّ أصبح التحدّي يكمن في تطبيق رؤيتي الرامية إلى تفعيل دور الرئاسة وجعلها أقرب إلى المجتمع. لقد قمتُ بزيارة مختلف المجموعات داخل المدن والمناطق الريفيّة والقرى وحتى الجزر، وراقبت التنمية الذاتية الجارية في تلك المجتمعات المحليّة، وأعتقد أن تلك الزيارات كانت هامّة جدًّا. وبعيد تنصيبي، تلقّيت دعوات من مجموعات عدّة من المجتمع المدني لافتتاح مركزٍ ما أو لحضور احتفال بمرور عشر سنوات على انطلاق أنشطة خاصّة بالأطفال أو بالكبار في السنّ أو للمشاركة بغيرها من الأنشطة المحليّة الهامّة. وقد كتب أحد مستشاري من أمانة السرّ على هذه الدعوات ملاحظةً انطبعت في ذاكرتي وهي: "ليس هذا الحدث بالأهميّة الكافية التي تستدعي حضور السيّدة الرئيسة". وبعد أن تلقّيت ملاحظتين أو ثلاث من هذا النوع، قلتُ ما يلي: "أنا هي الرئيسة، وأقول إن هذه الأحداث هامّة. نعم، لن أستطيع أن أشارك فيها كلّها، لكن من المهم إستراتيجيًّا أن أحضر بعضها لأبرهن أن عمل هؤلاء الأفراد وتلك المجموعات هام، وأنّ التطوّر الذاتي الحاصل في تلك المجتمعات يبدّل ملامح إيرلندا المعاصرة." وقد صادف أن الكثير من الناشطين في المجتمعات المحليّة هم من النساء. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: هلاّ أخبرت قرّاءنا عن تغيير تفتخرين به بصورةٍ خاصّة أحدثته في خلال توليك منصب الرئاسة، ربّما هو تغيير صبّ في مصلحة المرأة ولا يزال وقعه متواصلاً حتى بعد انتهاء ولايتك؟ ماري روبنسون: لربما أكثر عمل أفتخر به هو التواصل مع النساء العاملات في إيرلندا الشماليّة من البروتستانت والكاثوليك، ودعوتهنّ للحضور إلى العاصمة "دبلن". فكنّ يرتدين الفساتين والسترات الجديدة تحضيرًا لحدثٍ استثنائي بالنسبة إليهنّ، هو أولاً المجيء من "بلفاست" إلى "دبلن"، وثانيًا، زيارة مقرّ الرئاسة. وقد أجرينا نقاشات رائعة وأثنيت عليهنّ نظرًا للعمل الذي كنّ ينجزنه في مناطق عدّة ولِما تحلّين به من شجاعة، إذ تيقنّ أن السلام يبنى خطوةً تلو الأخرى على طريق ردم الهوّة القديمة في "بلفاست" ووأد نار العنف. كما تكلّمت على حاجة إيرلندا إلى المزيد من الانفتاح واحترام التنوّع وإلى نقل هذه القيم في نهاية المطاف إلى الإيرلنديين في بلاد الاغتراب. فمن حسن حظّنا، افتخر أكثر من سبعين مليون شخص في العالم بإرثهم الإيرلندي ما شكّل إمكانيّة رائعة لتخصيب أرضيّة السلام في إيرلندا الشماليّة، سلام تحقّق في نهاية المطاف. إضافة إلى ذلك، ألقيت عدّة خطابات في مناسبات معيّنة مثمّنةً مساهمة المرأة مع ذكر النساء المنخرطات في أنشطة المجتمع المدني بشكلٍ خاص. إذ حاولت أن أحوّل الحركة النسائيّة الإيرلنديّة إلى حركة أكثر تضمينيّة كي تشعر جميع النساء بأن ما يسمّى بالحركة النسائيّة تعمل على تمكينهن لا على عزلهن. غالبًا ما سمعتُ بعض النساء يقول هذه الجملة، "أنا، لا، لست مهمّة، أنا مجرّد ربّة منزل"، وكنت أجيب دومًا، "لكن كيف تساهمين في مجتمعك؟"، فجاء الردّ، "أقوم بهذا العمل وأدير ذاك النشاط...". لذا، كان يتضّح لي أن خلف جملة "أنا مجرّد ربّة منزل"، يختبئ فرد فعال جدًّا في المجتمع. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: إضافةٍ إلى مناصرة اعتماد قوانين مراعية للمنظور الجنساني في إيرلندا، عملتِ بنشاط على تعزيز حقوق الإنسان والتنمية المتساوية بين الجنسين في جميع أنحاء العالم. كيف تصفين بالتالي، تجربتك كمفوّضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان؟ وكونك امرأة، هل عشت تجارب خاصّة وهل أثّر هذا العامل على وجهة نظرك ونجاحك في هذا المنصب؟ ماري روبنسون: حين عُيّنت في منصب مفوّضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان عرفتُ أنّه لا بدّ من أن أبرهن عن مهارات قياديّة إيجابيّة تُعزى إلى كوني امرأة، تمامًا كما كان من المهم بصفتي رئيسة للبلاد أن أنتهج أسلوبًا يركّز على المهارات القياديّة لدى النساء. فنسبة كبيرة من خروق حقوق الإنسان في العالم تستهدف المرأة على غرار فظائع العنف القائم على الجنسانيّة والاتجار بالبشر والتمييز. وأعتقد أن من بين الأدوار التي اضطّلعت بها في هذا السياق، هو التركيز على هذه القضايا وإثارتها باستمرار ناهيك عن تشجيع النساء الأخريات. كما شجّعتُ الأمين العام للأمم المتحدة "كوفي أنان" على تعيين امرأة في منصب الممثل الخاص للأمين العام المعني بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان. وقد وقع الاختيار على "هينا جيلاني" التي حققت نجاحات باهرة ولازالت تشغل المنصب حتّى اليوم. ومن المفيد أيضًا أنها امرأة، إذ حين تعمل على قضايا معقّدة في الميدان، هي قادرة على توصيف أعمال الاغتصاب وغيرها، كجرائم شنيعة تُرتكب في أوقات الحرب. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: لقد زرتِ في أيلول/ سبتمبر، 2007، مخيّمات للاجئين في تشاد ثمّ إثر هذه الزيارة، توليت رئاسة مجموعة من المسؤولات السياسيّات من جميع أنحاء العالم وصغت معهنّ رسالة مفتوحة لإدانة اللجوء إلى أعمال الاغتصاب والعنف الجنسي كسلاح حرب في دارفور وطالبتنّ بوضع حدّ لذلك. كما دعوتنّ النساء إلى المشاركة في محادثات السلام. كيف يمكن النساء في المعترك السياسي أن يساعدن في تعزيز أمن النساء المحتجزات في مناطق النزاعات وفي القضاء على العنف ضدّ المرأة في تلك المناطق؟ ماري روبنسون: أعي تمام الوعي أنّ المرأة باتت تشغل ما يكفي من المناصب القياديّة على المستوى الوطني وفي المنظمات الدوليّة وعالم الأعمال وفي ميادين الأخرى في المجتمع المحلّي، لذا لا بدّ من أن نشهد على المزيد من التغيير والإنجازات. لذلك عملت على تعزيز القيادات النسائيّة الجماعيّة وتشجيعها لا سيّما في التعامل مع قضايا الأمن البشري. نظّمت مجموعات عدّة مؤتمرًا كبيرًا في "نيويورك" في شهر ت2/ نوفمبر، أذكر من بينها "منتدى القائدات ما بين الثقافات" الذي يعمل في إطار مبادرة "إعمال الحقوق" (Realizing Rights) إضافة إلى "المجلس العالمي للقيادات النسائيّة" الذي أترأسّه. وقد سلّطنا الضوء في المؤتمر على مختلف أوجه الأمن البشري وعلى ضرورة اضطّلاع الحكومات بمسؤوليّاتها الأمنيّة في مناطق مثل دارفور وشرق تشاد. كما ركّزنا على الاضطرابات الاقتصاديّة وآثار التغيّر المناخي وأبعاد التغير المناخي الجنسانيّة على المجتمعات الفقيرة. إلى ذلك، سعينا إلى إيجاد سبل التعاون وكانت زيارة تشاد مثالاً على هذا التعاون. ومن الأمثلة الأخرى، أشير إلى التعاون من أجل دعم "إيلين جونسون سيرليف" في ليبيريا، أكان ذلك في خلال التحضيرات التي أطلقَتها لتنظيم منتدى عالمي ضخم جدًّا بشأن أمن المرأة في ليبيريا في آذار/ مارس 2009، أم في إطار تعزيز عمليّة تمكين النساء والفتيات في ليبيريا. وآمل من الآن فصاعدًا أن تتكرّر الزيارات على غرار زيارة شرق تشاد، وأن تنمو الأنشطة العمليّة في إطار تعاون جماعي بين القائدات السياسيّات بهدف معالجة المشاكل كافّة. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: أنت عضو في مجلس قيادة "التحالف العالمي المعني بالمرأة والأيدز". ونظرًا لارتفاع عدد الإصابات بالمرض في صفوف النساء بشكل خاص، كيف يمكن القائدة السياسيّة أن ترسم ملامح الاستجابة الوطنيّة كي تتأكّد من الاستجابة إلى حاجات النساء والفتيات؟ ماري روبنسون: إن تشكيل مجلس القيادة مهمّ لأن الوضع خطير للغاية. وفي خلال مؤتمر عُقد في نيروبي في خلال شهر تمّوز/ يوليو الماضي بشأن المرأة ومرض الأيدز، شكّل حضور خمسمئة امرأة مصابات بالمرض عاملاً يحمل دلالات هامّة. وقد استمعت إلى قصصهنّ عن التمييز وعن نساء طردن من منازلهنّ وعن هشاشة الفتيات اللواتي هنّ أكثر عرضة للإصابة بالمرض بأربعة، خمسة أو حتّى ستّة مرّات بسبب العلاقات السلطويّة القائمة وبسبب عدم قدرتهنّ على الرفض في بعض الظروف. لذا أودّ أن أشهد مشاركة أكبر من جهة القيادات النسائيّة الجماعيّة بشأن قضايا صحّة المرأة. والنسبة الوحيدة التي لا تشهد أيّ تحسن هي نسبة النساء اللواتي يمتن في خلال الوضع أو قبيل الوضع أو بعيده. فأن معدلات وفيّات الأمّهات المرتفعة تشكّل صدمة حقيقيّة، لذا لا بدّ من التشديد أكثر على هذه القضايا إذ أنها تمسّ حياة العائلات والمجتمعات. والأمر سيّان بالنسبة إلى صحّة المرأة عمومًا وإلى ضرورة تعزيز الصحّة الإنجابيّة والتركيز على المراهقات. وليس التحالف العالمي المعني بالمرأة والأيدز سوى مبادرة واحدة من مختلف المبادرات التعاونيّة الأوسع الضروريّة في سياق صحّة المرأة التي هي في طور النمو. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: تركّز مبادرة "إعمال الحقوق: مبادرة العولمة الأخلاقية" التي أطلقتها على عدّة قضايا منها تعزيز القيادات النسائيّة. كيف تساعد هذه المبادرة على تحقيق الهدف المذكور؟ ماري روبنسون: نركّز في هذه المقاربة على قضايا القيادة عمومًا، في مجالي الأعمال والسياسة، وعلى القيادات النسائيّة خصوصًا. كما اهتممنا بصورةٍ خاصّة بضرورة تشييد الجسور الثقافيّة والإقليميّة بين القائدات وإيجاد أرض مشتركة بين مختلف الأجيال لتشعر القائدات الشابات أنهنّ على تواصل مع أخريات وأنهنّ يملكن فرصة التعبير عن وجهات نظرهنّ ورفع الصوت. لذلك قررنا إنشاء "منتدى القائدات ما بين الثقافات" (Women Leaders Intercultural Forum) بالتعاون مع منظمات أخرى وهو يعمل حاليًا في إطار مبادرة "إعمال الحقوق". كما نجتمع في مناطق عدّة، فعلى سبيل المثال، عقدنا مؤخرًا اجتماعًا في الأردن بمبادرة مشتركة مع جلالة الملكة رانيا، حضرته مختلف قائدات المنطقة. إضافة إلى ذلك، عقدنا اجتماعات عدّة في كينيا وشاركنا في قمّة ذكرتها سابقًا بشأن القيادات النسائيّة. ونحن مشاركون إلى حدّ كبير في مشروع دعم ليبيريا تحضيرًا لمؤتمر العام 2009. فلنكن واقعيين، تستطيع القائدات خصوصًا والجميع عمومًا تقديم مساهمات هامّة من خلال شبكة iKNOW Politics. فحين يُطلب من إحدانا، أي من الناشطات السياسيّات الفاعلات، أن تشارك في مؤتمر ما، غالبًا ما تكتشف أن ما من نساء أخريات في لجنة الخبراء أم أنها المرأة الوحيدة التي تلقي خطابًا رئيسًا. لا بدّ من أن نفاوض الجهات المنظّمة فنقول، "أعرف أنكم دعوتم امرأة واحدة لكني أعرف شابات كثيرات مناسبات لهذا المؤتمر، إليكم أسماءهنّ علمًا أنهن ماهرات جميعًا وأيّ منهن ستفي بالمهمّة." أم نقول، "أعرف أنكم لم تعينوا لجنة خبراء قادرة على تسليط الضوء على الأبعاد الجنسانيّة." إذ غالبًا ما لا تتطرّق المؤتمرات إلى الأبعاد الجنسانيّة بصورة متوازنة أفي إطار التغيّر المناخي، أم الاقتصاد العالمي، أم غير ذلك. لذا، نحن بحاجة إلى التحلي بأسلوب استباقي في إطار التفاوض من جديد حول شروط المؤتمرات وإني على ثقة بأن شبكة iKNOW Politics يمكنها أن تنجز الكثير في هذا السياق. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: أنت رئيسة "المجلس العالمي للقيادات النسائيّة" وهي شبكة تضمّ رئيسات الدول والحكومات الحاضرات والسابقات. فما دور هذه الشبكة في إعطاء صوت موحّد للمرأة في أعلى مستويات الحكم؟ ماري روبنسون: هي شبكة مفيدة لأنها تظهر النساء اللواتي بلغن سابقًا مناصب حكوميّة واللواتي يواصلن ولاياتهنّ. وهي من بين المنظّمات التي ساعدت في تعزيز هدف استحداث قيادة نسائيّة جماعيّة وفاعلة. كما يشارك "المجلس العالمي للقيادات النسائيّة" في تنظيم مبادرة القيادة الوزاريّة بشأن الصحّة التي ستعمل على جمع وزيرات الصحّة في حيّز واحد. إلى ذلك، عملنا على تشجيع غيرها من شبكات الوزيرات مثل شبكة وزيرات البيئة اللواتي تمكنّ، من خلال حضورهنّ، من التأثير على جدول أعمال "مؤتمر القمة العالمي حول التنمية المستدامة" في "جوهانسبرغ". إذ أشرن إلى أن مسودّة جدول الأعمال افتقرت إلى المنظور الجنساني ونجحن في تعديل ذلك. كما أننا أقمنا شبكة أوسع تضمّ وزيرات شؤون المرأة وجمعن النساء العاملات في الصناعة والتجارة وباتت أعيننا شاخصة نحو التربية. إذ أن عدد وزيرات التربية مرتفع للغاية لذا نريد أن نتعاون معهنّ في السنوات المقبلة. كما نعمل على الحصول على تغطية أوسع من أجل تشجيع نساء أخريات ليعين أن المرأة لطالما شغلت مناصب رسميّة رفيعة. غالبًا ما أفاجئ الناس حين أخاطب حضورًا فأقول: "كم يبلغ برأيكم عدد أعضاء المجلس العالمي للقيادات النسائيّة؟". والجواب هو أن عددنا يصل حاليًا إلى أربعين عضوًا ما لا يثير إعجاب الحضور، خصوصًا وأن هذا العدد يشمل ثلاث دعوات آمل في أن تلبّى قريبًا. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: كيف يمكن برأيك أن تساعد المشاركة في شبكة مثل شبكة iKNOW Politicsالمرأة في المناصب الوزاريّة؟ ماري روبنسون: أدعم بشدّة زيادة صلات الوصل والتضامن بين النساء في مواقع المسؤوليّة. إذ تحاول المرأة ممارسة دورها القيادي بطريقة مختلفة أي من خلال السعي إلى حلّ المشاكل. ومن خلال هذه الشبكة، نستطيع تبادل الخبرات والدعم وهي شبكة هامّة بحدّ ذاتها. قد نستخدم هذه الشبكة أيضًا لتبادل المعلومات وتعبئة الرأي العام العالمي ما يزداد أهميّة يومًا بعد يوم. فمثلاً، قد أطلب من شبكة iKNOW Politics أن تساعدنا على الترويج لحملة "لكل إنسان حقوق" [1] التي أطلقناها مؤخرًا في إطار تجمّع "الحكماء" (Elders) بمبادرة "نيلسون مانديلا"، بهدف الاحتفال بالذكرى الستين لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان طوال العام 2008. وسنركّز في كلّ شهر على موضوع جديد علمًا أن موضوع شهر آذار/ مارس سوف يكون، "لكلّ امرأة حقوق". ونداؤنا موجّه إلى الجميع ليزوروا الموقع الإلكتروني ويقرأوا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ويوقّعوا على تعهّد مفاده، "أتمنى تحمل مسؤولية دعم أهداف الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في حياتي اليومية وفي مجتمعي." إذ نشعر أن معرفة هذه الحقوق هو الحق الطبيعي لكل فرد وهو حقّ شخصي وعندما يُحقق ذلك، ستولي الحكومات اهتمامًا أكبر لاحترام هذه الحقوق على المستوى العالمي. ومن الإيجابي أن تشارك المرأة بكثافة في هذا التحوّل. إذ القائدة الملهمة "إليانور روزيفيلت"، هي التي قررت جمع عدد من المحامين ليصوغوا مسودّة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. لذا نودّ أن نكرّمها وأن نكرّم رؤيتها من خلال التركيز ليس على حقوق الإنسان فحسب، بل أيضًا على حقوق المرأة كما من خلال إلقاء الضوء على أهميّة حقوق النساء والفتيات في سياق الحملة. كما يجدر بالنساء أن يتشاطرن التجارب العمليّة في إطار الحكم لتدخل في سياق التوجيه المقدّم إلى الشابات القائدات ويمكن أن تقدّم شبكة iKNOW Politicsالمساعدة في هذه النشاطات، لا بل هذا من واجبها. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: بمَ تنصحين أعضاء شبكة iKNOW Politics، لا سيّما النساء منهم، مرشّحات كنّ أم مسؤولات سياسيّات، في سياق تطوّر مسيراتهنّ السياسيّة؟ ماري روبنسون: يصعب تقديم نصيحة واحدة لأن الصعوبات والعوائق كثيرة، مثل التمويل أو عدم توافر ما يكفي من الوقت لتقبل المرأة ترشيح الحزب لها في ظلّ جميع المسؤوليات التي تضطّلع بها. لكن الشجاعة والثقة بالنفس عاملان لا غنى عنهما. إذ، ألحظ أحيانًا أن المرأة أقل ثقةً بنفسها وتتردّد في اعتماد رؤية أو هدف لربّما هما موجودان أصلاً في داخلها إلاّ أنّها تقول، "لكن، من أنا لأنجح في هذه المهمّة؟" فيما لا تساور الشكوك نفسها الرجل. أعتقد أن ذلك يعزى جزئيًّا إلى أن المرأة لم تعتد بعد التواجد في منصب سلطوي. فإن نطقتَ بكلمتي "رئيس الوزراء"، يفترض الجميع أنك تقصد رجلاً ما خلا في بعض الظروف الاستثنائيّة التي يُفهم أنك تتكلّم على امرأة، وينطبق ذلك على مختلق المناصب. يذكّرني ذلك بدعابة أرددها مع خلفي الحالي لرئاسة إيرلندا. لقد شغلتُ منصب رئيسة البلاد طوال سبع سنوات وحين انتقلت للعمل في الأمم المتحدة، خلفتني الرئيسة الحاليّة "ماري ماك أليس" التي أنهت ولاية أولى من سبع سنوات وهي تواصل حالية ولايتها الثانية. كما أنها لم تواجه معارضة سياسيّة لأنها تقوم بعملها على أكمل وجه. لذلك بتنا نقول ممازحتين إنّ الفتية في إيرلندا يبكون قائلين، "لم لا أستطيع أن أكون رئيسًا حين أكبر؟" فهم لم يروا رجلاً في منصب الرئاسة طوال 14 عامًا وستطول تلك الفترة لتبلغ 21 عامًا. وهذا هو تحديدًا مغزى كلامي، فالفتيات معتادات على رؤية الرجال يشغلون المناصب الهامّة. لذا، في المقابل، من الجيّد أن تراود الشكوك الفتية عمّا إذا يمكنهم أن يصبحوا رؤساء يومًا ما. هذه نكتة طبعًا، لكنها تحمل مغزى هامًا. لستُ من اللواتي يخلن أن على امرأة مساندة المرشحات النساء بغضّ النظر عن مؤهلاتهنّ، فلا بدّ من أن نتخلّى عن هذا المنطق. في المقابل، ليست القضيّة "قضيّة دعم المرشحات النساء لأننا جميعًا نساء"، بل الواقع هو أننا بحاجة بالفعل إلى عدد أكبر من النساء في مناصب المسؤوليّة، خدمةً لمصلحة البشرية جمعاء، أي خدمة للنساء والرجال معًا. وما لا ريب فيه هو أن بلوغ هذه المناصب صعب بالنسبة إلى عدد من النساء المؤهلات نظرًا لجميع العوائق الموجودة. وما يستوقفني هو كم يسهل على النساء اللواتي تمكنّ من شغل مناصب رسميّة رفيعة الإقرار بأخطائهنّ وإثارة المشاكل التي يواجهنها مقارنة مع نظرائهن من الرجال. فكما لو أننا لم نتقبّل بعد إمكانيّة فوزنا في الانتخابات أم بمناصب رسميّة رفيعة، فحين يحدث ذلك، نفرض رقابة ذاتية على أنفسنا وعملنا. وهذه ميزة حقيقيّة، لذا إن جزءًا من النصيحة التي أقدمها النساء هو أن يتمتّعن بالثقة بالنفس وأن يؤمنّ بأنهن قادرات على تقديم إسهامات قيّمة. فنحن بحاجة إلى مساهمات كهذه من المزيد من النساء، لذا، واظبن على العمل أملاً في أن تحصلن على الدعم الذي تستحققنه. (نيويورك، 30 ك2/ يناير، 2008).