تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

د. هجران حسينوفا

مقابلات

Submitted by iKNOW Politics on
Back
August 18, 2008

د. هجران حسينوفا

رئيسة اللجنة الحكومية حول شؤون الأسرة والمرأة والطفل في أذربيجان

 

ليست المرأة القائدة مسؤولة عن نفسها فحسب بل عن كلّ امرأة تتبوّأ منصبًا قياديًا في المستقبل. عليها أن تكون محترفةً بامتياز وأن تتحلّى بكفاءات عالية، حتّى أنّها مضطرّة أحيانًا إلى التفوّق على الرجل من حيث العزيمة والصلابة.

المتن

شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: تشغلين منصب رئاسة اللجنة الحكومية حول شؤون الأسرة والمرأة والطفل في أذربيجان. هلاّ ذكرتِ عددًا من المشاكل التي تعالجها اللجنة بغية تعزيز الفرص المتاحة أمام المرأة واستحداث المزيد منها في أذربيجان؟ برأيك̗، كيف ساهم الأسلوب الذي انتهجته في الإدارة في تغيير عمل اللجنة على مرّ السنوات الأخيرة؟  هجران حسينوفا: على غرار الكثير من القرارات السياسية الأخرى، اقترن إرساء سياسة المساواة بين الجنسين في أذربيجان باسم قائدنا الوطني حيدر علييف. فهو من وقّع مرسومًا بشأن "تعزيز دور المرأة في أذربيجان" في 14 كانون الثاني/يناير عام 1998. نصّ هذا المرسوم على أن تقوم المؤسسات الحكوميّة المختصّة بإعداد المقترحات الرامية إلى تدعيم برامج الحماية الاجتماعية للاّجئات والمشرّدات داخليًّا، وتعزيز الضمانات الاقتصادية والقانونية في حقوق العمل الخاصة بالنساء، وبناء العلاقات بين المنظمات النسائيّة الدولية والمنظمات النسائية المحلّية التي لا تتوخى الربح والهيئات الحكوميّة. إضافةً إلى ذلك، أصدر الرئيس حيدر علييف مرسومًا عام 1998 بإنشاء اللجنة الحكومية لشؤون المرأة. كما وقّع الرئيس في 6 آذار/مارس 2000 مرسومًا بشأن "تطبيق السياسات الخاصة بالمرأة في جمهورية أذربيجان"، وهدفه حماية حقوق المرأة ومراجعة التشريعات الوطنية لضمان المساواة في الحقوق بين المرأة والرجل لا سيّما في ما يتعلّق بالمساواة في المشاركة في عمليات صنع القرار. أعتقد أنّ قرار تشكيل اللجنة الحكومية حول شؤون الأسرة والمرأة والطفل الصادر عن رئيس الجمهوريّة الحالي السيد إلهام علييف قد جاء في الوقت المناسب. فأذربيجان ملتزمة بالمعايير الدولية في شؤون المرأة ومتمسّكة بقيمها الثقافية كالروابط العائليّة الوثيقة مثلاً. أمّا بالنسبة إلى أسلوب الإدارة، فأظنّ أنّ كلاًّ منّا يستمدّ الإلهام من خلفيّته وتجاربه. أعتقد أنّني لم أغيّر نهجي بعد وصولي إلى منصب رئاسة اللجنة. أوّلاً، أحاول الاستجابة إلى متطلّبات حكومة جمهوريّة أذربيجان وتشريعاتها، شأني شأن اي موظّف حكومي، ولا أسعى إلى إطلاق موضة جديدة كالعاملين في مجال الأزياء. لكنّني في الوقت عينه من مناصري الإبداع والتجديد في المقاربة الإدارية، وأنطلق دومًا من مبدأ تشجيع موظّفيّ على لعب دور ريادي في كلّ أعمالهم. أعتبر نفسي مديرةً صارمةً ومتطلّبةً، وأصرّ دومًا على إتمام كلّ المهامّ بطريقةٍ دقيقة ومدروسة ضمن المهل الزمنيّة المحدّدة. كما أطبّق هذه المتطلّبات على نفسي أيضًا. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة:أنت̗ المرأة الوحيدة التي تشغل منصبًا وزاريًّا في أذربيجان، هل واجهت أيّ تحدّيات في ذاك المنصب؟ وإذا صحّ ذلك، كيف ساعدتك خلفيّتك في مواجهة تلك التحدّيات؟ هجران حسينوفا:صحيح ما قلته، فأنا المرأة الوحيدة التي تشغل منصبًا وزاريًا ، لكن في أذربيجان عمومًا، تشغل نساء كثيرات مناصب قيادية مختلفة. فالكثير من النساء يشاركن في البرلمان أو يشغلن منصب نائب الوزير أو غيره. نتطلّع إلى زيادة عدد النساء في المجال السياسي، وتساهم اللجنة بشكل ملحوظ في تحقيق ذلك. أودّ أن أشير أيضًا إلى أنّ المسؤولية الملقاة على عاتق المرأة توازي ضعفَ مسؤوليّة الرجل. فليس بإمكان المرأة التي تتبوّأ منصبًا قياديًا أن تتوقّع معاملة مميّزة لمجرّد أنّها امرأة. فالمرأة القائدة ليست مسؤولة عن نفسها فحسب، بل عن كلّ امرأة تتبوّأ منصبًا قياديًا في المستقبل. عليها أن تكون محترفةً بامتياز وأن تتحلّى بكفاءات عالية، حتّى أنّها مضطرّة أحيانًا إلى التفوّق على الرجل من حيث العزيمة والصلابة. لقد قطعتُ في مسيرتي شوطًا كبيرًا، خطوةً خطوة، وتخطّيت محَن كثيرة لأنّني مع الوقت شيّدت حولي حصنًا منيعًا على المستوى العاطفي. على سبيل المثال، شاركتُ في حملة انتخابية برلمانية وفزت بها. لكنّ نتائج الدائرة حيث كنت مرشحة اعتُبِرَت باطلةً بسبب حملة انتخابية غير نزيهة وغير عادلة قادها خصومي. امتعض رجالٌ كثيرون من عملي ولم يتكيّفوا مع هذا الواقع، لكنّني تحلّيت بالقوة الكافية لمتابعة نضالي ومسيرتي. أمّا الآن، فأعتبر تلك الحملة تجربةً إضافية زادتني قوّةً واحترافًا في عملي. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: أنتِ عضوٌ ناشط في "تحالف 1325" في أذربيجان. هل اضطلع هذا التحالف بدورٍ فعال في تعزيز إمكانيات النساء اللاجئات والمشرّدات داخليًّا في أذربيجان في إطار عملية بناء السلام؟ ما كان دورك في عمل التحالف وكيف ساهمت فيه؟ هجران حسينوفا:تمّ إنشاء "تحالف 1325" ضمن مشروع الأمم المتّحدة، والهدف منه هو تعزيز مبادرات المجتمع المدني وفضّ النزاعات بالطرق السلمية. سُمّي التحالف تيمّنًا بقرار الأمم المتّحدة رقم 1325. أعتقد أنّ هذا التحالف مفيدٌ جدًّا إذ يساعد الناس في فهم إيجابيّات فضّ النزاعات بالوسائل السلمية. لطالما دعمت النساء عمليّات بناء السلام، وهي مسألة تطال مباشرةً اللاجئات والمشرّدات داخليًّا نتيجة حرب ناغورنو- كاراباخ. من الضروري إذًا أن نعمل مع هؤلاء النساء. تجدر الإشارة هنا إلى أهمّية دعم الحكومة للمشاريع الرامية إلى تحسين أوضاعهنّ سواء على المستوى الاجتماعي أو الثقافي أو اليومي. بفضل العمل المتواصل الّذي تقوم به الهيئات الحكومية إلى جانب أولئك النساء الضعيفات، أصبحن قادرات على التعافي من صدمات الحرب والحفاظ على عائلاتهنّ وتربية أطفالهنّ. فقد عانين الأمرّين في ظلّ الصراع ولا شكّ في أنّهنّ يدركن منافع فضّ النزاع بالطرق السلمية ويشجّعن على اعتمادها، فالمرأة غالبًا ما تكون خير رسول للسلام. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: ما العمل برأيك̗ لتعزيز مشاركة النساء في السياسة في منطقة الاتّحاد السوفييتي السابقة، لا سيّما في أذربيجان؟ وهل من استراتيجيّات أو تدابير معيّنة توصين بها؟ هجران حسينوفا: ما بيدنا حيلة إن لم تبذل النساء أي مجهود للتغيير. فمن المستحيل أن نعمل بدون أن نلمس تفاعلاً في المقابل. ندعم النساء في قيادتهنّ للمشاريع، ونتعاون بشكل وثيق مع وزارة التنمية الاقتصادية لإدماج عدد أكبر من النساء في مجال الأعمال. فعندما تكتسب المرأة الاستقلاليّة المادّية تصبح فردًا أكثر نشاطًا في المجتمع. بالنسبة إلى النساء، لا يكفي الانخراط في نشاطٍ ما فحسب، بل عليهنّ أن يبذلن جهدًا أكبر وأن يرتقين بمستواهنّ المهني. في خلال تشكيل اللجنة، وظّفتُ مجموعةً من الشباب الّذين عملوا سابقًا في منظّمات لا تتوخّى الربح فتمرّسوا فيها. تفوّقوا على الآخرين من حيث تعلّم المهارات، وأردنا الاستفادة من خبراتهم. منذ البداية، عملنا بالتعاون مع منظّمات لا تتوخّى الربح ومنظّمات دوليّة. نعتقد أيضًا أنّ العمل مع وسائل الإعلام بالغ الأهمّية إذ أنّه يرفع مستويات التوعية في ما يتعلّق بعمل اللجنة، ما يزيد من فعاليّة جهودنا. كما أنّنا في طور بناء القدرات لدى النساء. وقد أنشأنا بالفعل مجلسًا من النساء الخبيرات ضمن اللجنة يمكن أن تحتذي به مؤسّسات كثيرة في أذربيجان. في ظلّ الاتّحاد السوفييتي، شغل عدد كبير من النساء مناصب صنع القرار بعد أن اكتسبن خبرات قيّمة من العمل في لجنة الحزب الشيوعي، فلا يسعنا تجاهل تلك الخبرات أيضًا. كما يجدر بنا أن نأخذ تقاليد المجتمع الأذربيجاني وقيمه الثقافية بعين الاعتبار، فالاعتقاد السائد فيه هو أنّ مهنة المرأة يجب أن تحلّ في المرتبة الثانية، فتكون الأولويّة لأطفالها وأسرتها. ومن الصعب إيجاد امرأة توفّق بين الإثنين بنجاح، فليست كلّ النساء قادرات على التوفيق بين العائلة والعمل. واجهتُ هذه المشكلة شخصيًّا لكنّني حظيت بدعم كبير من عائلتي ومن زوجي. بالرغم من خبرتي وحيازتي درجة دكتوراه في العلوم السياسية وعملي كرئيسة وبروفيسورة في قسم الديبلوماسية وعمليات الإدماج المعاصرة في جامعة باكو الحكومية وكرئيسة اللجنة الحكومية حول شؤون الأسرة والمرأة والطفل، أحاول أن أتمّم على أفضل وجهٍ مهمّتي كزوجة وكأمٍّ لابنتيّ. فقد ربّيتهما مع زوجي في جوّ يحترم القيم العائلية الوطنية ويواكب النظرة المعاصرة إلى دور المرأة في المجتمع في الوقت عينه. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة:هل تعتقدين أنّ التقاليد والثقافة قد تقوّض تمكين المرأة؟ في تلك الحال، ما العمل برأيك للقضاء على الصور النمطية للجنسين ولإزالة الحواجز الثقافية؟ هجران حسينوفا:لا يخفى عليكم أنّ الصور النمطية في تقاليدنا مختلفة. ففي ثقافتنا، ليست المرأة ضعيفةً أو خاضعة. إذا ما اطّلعنا على التراث الأذربيجاني والأدب الكلاسيكي في البلاد، أو حتّى القرآن الكريم وتعاليم النبي محمّد (ص)، نرى بوضوح أنّ المرأة موصوفة بشخصيّتها القويّة. عندما اكتسبت المرأة الأذربيجانية حق الانتخاب عام 1919، لم يكن معظم دول الغرب والشرق قد حقّق هذه الخطوة. وقد أُثبِتَت هذه الحقيقة مع مرور القرون، خاصّةً في القرن العشرين عندما باتت المرأة تتمتّع بالحقوق والحرّيات كافةً. أعتقد أنّ مجتمعنا مليء بالصور النمطية الخاطئة، وهدفنا الآن يقضي بإعادة إرساء التقاليد المثلى والترويج لها في المجتمع، مع العمل على إزالة الصور النمطية القائمة. وفقًا للدستور، نتمتّع بالمساواة في الحقوق، لكن يجب ألاّ تكون هذه المساواة حبرًا على ورق أو مجرّد شكليّات. فمن منظور حقوق الإنسان، يتمتّع الناس جميعًا بحقوق متساوية في التعليم والعناية الصحية والخدمات الاجتماعية وغيرها بغض النظر عن النوع الإجتماعي. وإذا ما انتُهِكَت حقوق أيّ من الموطنين، على الجهات الحكوميّة أن تمدّ له يد العون. لهذا السبب، صمّمنا برنامجًا لمكافحة العنف المنزلي ضدّ المرأة والطفل. في هذا الإطار أودّ أن أشير إلى مثالٍ يمكن أن تحتذي به كلّ النساء، وهو الإنجاز الّذي حقّقته السيّدة الأولى في أذربيجان، مهريبان علييفا، سفيرة النواية الحسنة لليونيسكو (UNESCO) وللمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (ISESCO)، وهي أيضًا عضو في البرلمان تخدم وطنها وتحرص على المحافظة على التقاليد الوطنية وتعزيز القيم العائلية. يجب أن تبدأ الجهود الرامية إلى إزالة الصور النمطية في مرحلة ما قبل المدرسة ثمّ في المراحل الدراسية، لتُستَكمَل في مؤسّسات التعليم العالي. لقد نظّمنا عددًا من الطاولات المستديرة للتداول في هذا الشأن، كما أنتجنا برنامجًا خاصًا يُبَثّ على شاشة التلفاز وأصدرنا جريدة معنيّة بذلك. في خلال نشاطاتنا، نغطّي مسائل بالغة الأهمّية بالنسبة إلى المجتمع. لا بدّ من أن يفهم الناس أنّ المساواة بين الجنسين لا تخصّ النساء فحسب، فحماية حقوق المرأة تطال الرجال أيضًا. يتطلّب تغيير هذه الأفكار السائدة عمليّةً طويلة ومضنية، لا يمكن إنجازها بين ليلةٍ وضحاها. عمومًا، من المهمّ استخدام مجموعة واسعة من وسائل تكنولوجيا المعلومات الحديثة لحلّ المشاكل المتعلّقة بالمساواة بين الجنسين. بالتالي، إنّ استحداث شبكات معلوماتية معاصرة للنساء والأطفال بالإضافة إلى مجموعة من الخطوط الساخنة قد يسفر عن نتائج مرضية جدًا. نعوّل في هذا المجال على الخبرات الخارجيّة الإيجابية، ونأمل أن تتكلّل جهودنا بالنجاح وأن نحقّق التقدّم على الساحة المحلّية. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: في عصرنا هذا، تؤثّر الابتكارات التكنولوجية في حياة الشعوب حول العالم، وتوفّر نفاذًا آنيًّا إلى المعلومات وتفسح مجالاً هائلاً للتشبيك بين ذوي الأهداف المشتركة من أشخاص ومنظمات. كيف لنا أن نضمن للنساء حسن استخدام التكنولوجيا المتوفرة والاستفادة منها بالطرق المثلى؟ هل تعتقدين أنّ المشاركة في شبكة كـ شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة قد تتيح للمرأة الولوج إلى المعلومات والموارد الضرورية لتتقدّم في مجال السياسة؟ هجران حسينوفا:غالبًا ما تعقد النساء السياسيات منتديات في مختلف أنحاء العالم. وتستضيف أذربيجان هذه السنة منتدًى دوليًّا حول "توسيع دور المرأة في الحوار بين الثقافات"، بمبادرةٍ من السيدة الأولى مهريبان علييفا. يمثّل هذا المنتدى فرصةً إضافية لجمع أهل العلم والسياسة من أقاصي الأرض لمناقشة المشاكل الراهنة. فكلّما اجتمعنا لنتواصل ونتشاطر وجهات النظر، كلّما أُتيحَت لنا فرص التغيير وإمكانيات تحسين الأوضاع. أؤكّد لكم أنّ صوت المرأة في حلّ المشاكل الدولية يجد صدًى متزايدًا. وقد شهدتُ على ذلك في كلّ مرّة ألقيت فيها كلمتي في المؤتمرات الدولية، ومن ضمنها فعاليّات الأمم المتّحدة. فكلّ خطاب يكون بمثابة فرصة ننتهزها للتطرّق إلى حلّ مشكلة ناغورنو- كاراباخ، واعتداءات أرمينيا المجاورة، وإمكانية تعزيز التضامن الدولي بين النساء للوقاية من التصعيد في النزاع. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة : ما هي النصيحة التي تقدّمينها لأعضاء شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة ، لا سيّما النساء المرشّحات والمسؤولات في مسيرتهنّ السياسية؟ هجران حسينوفا: أقترح على النساء ما يلي: 1. التحلّي بأعلى مستوى من الاحتراف؛ 2. عدم التعويل على تساهل الناس معهنّ؛ 3. إيجاد تسوية معقولة دائمًا في إطار التعامل مع الموظّفين وفي حياتهنّ الشخصيّة؛ 4. تقبّل الإبتكارات، التحلّي بحسّ مبدعٍ وخلاّق، والجرأة على التعلّم؛ 5. عدم إغراق النفس في العمل بل العمل بجدّية وفي الوقت عينه، المحافظة على أنوثتهنّ. تاريخ المقابلة: أيار/مايو 2008

 

 

Date of Interview
Region
رئيسة اللجنة الحكومية حول شؤون الأسرة والمرأة والطفل في أذربيجان

 

ليست المرأة القائدة مسؤولة عن نفسها فحسب بل عن كلّ امرأة تتبوّأ منصبًا قياديًا في المستقبل. عليها أن تكون محترفةً بامتياز وأن تتحلّى بكفاءات عالية، حتّى أنّها مضطرّة أحيانًا إلى التفوّق على الرجل من حيث العزيمة والصلابة.

المتن

شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: تشغلين منصب رئاسة اللجنة الحكومية حول شؤون الأسرة والمرأة والطفل في أذربيجان. هلاّ ذكرتِ عددًا من المشاكل التي تعالجها اللجنة بغية تعزيز الفرص المتاحة أمام المرأة واستحداث المزيد منها في أذربيجان؟ برأيك̗، كيف ساهم الأسلوب الذي انتهجته في الإدارة في تغيير عمل اللجنة على مرّ السنوات الأخيرة؟  هجران حسينوفا: على غرار الكثير من القرارات السياسية الأخرى، اقترن إرساء سياسة المساواة بين الجنسين في أذربيجان باسم قائدنا الوطني حيدر علييف. فهو من وقّع مرسومًا بشأن "تعزيز دور المرأة في أذربيجان" في 14 كانون الثاني/يناير عام 1998. نصّ هذا المرسوم على أن تقوم المؤسسات الحكوميّة المختصّة بإعداد المقترحات الرامية إلى تدعيم برامج الحماية الاجتماعية للاّجئات والمشرّدات داخليًّا، وتعزيز الضمانات الاقتصادية والقانونية في حقوق العمل الخاصة بالنساء، وبناء العلاقات بين المنظمات النسائيّة الدولية والمنظمات النسائية المحلّية التي لا تتوخى الربح والهيئات الحكوميّة. إضافةً إلى ذلك، أصدر الرئيس حيدر علييف مرسومًا عام 1998 بإنشاء اللجنة الحكومية لشؤون المرأة. كما وقّع الرئيس في 6 آذار/مارس 2000 مرسومًا بشأن "تطبيق السياسات الخاصة بالمرأة في جمهورية أذربيجان"، وهدفه حماية حقوق المرأة ومراجعة التشريعات الوطنية لضمان المساواة في الحقوق بين المرأة والرجل لا سيّما في ما يتعلّق بالمساواة في المشاركة في عمليات صنع القرار. أعتقد أنّ قرار تشكيل اللجنة الحكومية حول شؤون الأسرة والمرأة والطفل الصادر عن رئيس الجمهوريّة الحالي السيد إلهام علييف قد جاء في الوقت المناسب. فأذربيجان ملتزمة بالمعايير الدولية في شؤون المرأة ومتمسّكة بقيمها الثقافية كالروابط العائليّة الوثيقة مثلاً. أمّا بالنسبة إلى أسلوب الإدارة، فأظنّ أنّ كلاًّ منّا يستمدّ الإلهام من خلفيّته وتجاربه. أعتقد أنّني لم أغيّر نهجي بعد وصولي إلى منصب رئاسة اللجنة. أوّلاً، أحاول الاستجابة إلى متطلّبات حكومة جمهوريّة أذربيجان وتشريعاتها، شأني شأن اي موظّف حكومي، ولا أسعى إلى إطلاق موضة جديدة كالعاملين في مجال الأزياء. لكنّني في الوقت عينه من مناصري الإبداع والتجديد في المقاربة الإدارية، وأنطلق دومًا من مبدأ تشجيع موظّفيّ على لعب دور ريادي في كلّ أعمالهم. أعتبر نفسي مديرةً صارمةً ومتطلّبةً، وأصرّ دومًا على إتمام كلّ المهامّ بطريقةٍ دقيقة ومدروسة ضمن المهل الزمنيّة المحدّدة. كما أطبّق هذه المتطلّبات على نفسي أيضًا. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة:أنت̗ المرأة الوحيدة التي تشغل منصبًا وزاريًّا في أذربيجان، هل واجهت أيّ تحدّيات في ذاك المنصب؟ وإذا صحّ ذلك، كيف ساعدتك خلفيّتك في مواجهة تلك التحدّيات؟ هجران حسينوفا:صحيح ما قلته، فأنا المرأة الوحيدة التي تشغل منصبًا وزاريًا ، لكن في أذربيجان عمومًا، تشغل نساء كثيرات مناصب قيادية مختلفة. فالكثير من النساء يشاركن في البرلمان أو يشغلن منصب نائب الوزير أو غيره. نتطلّع إلى زيادة عدد النساء في المجال السياسي، وتساهم اللجنة بشكل ملحوظ في تحقيق ذلك. أودّ أن أشير أيضًا إلى أنّ المسؤولية الملقاة على عاتق المرأة توازي ضعفَ مسؤوليّة الرجل. فليس بإمكان المرأة التي تتبوّأ منصبًا قياديًا أن تتوقّع معاملة مميّزة لمجرّد أنّها امرأة. فالمرأة القائدة ليست مسؤولة عن نفسها فحسب، بل عن كلّ امرأة تتبوّأ منصبًا قياديًا في المستقبل. عليها أن تكون محترفةً بامتياز وأن تتحلّى بكفاءات عالية، حتّى أنّها مضطرّة أحيانًا إلى التفوّق على الرجل من حيث العزيمة والصلابة. لقد قطعتُ في مسيرتي شوطًا كبيرًا، خطوةً خطوة، وتخطّيت محَن كثيرة لأنّني مع الوقت شيّدت حولي حصنًا منيعًا على المستوى العاطفي. على سبيل المثال، شاركتُ في حملة انتخابية برلمانية وفزت بها. لكنّ نتائج الدائرة حيث كنت مرشحة اعتُبِرَت باطلةً بسبب حملة انتخابية غير نزيهة وغير عادلة قادها خصومي. امتعض رجالٌ كثيرون من عملي ولم يتكيّفوا مع هذا الواقع، لكنّني تحلّيت بالقوة الكافية لمتابعة نضالي ومسيرتي. أمّا الآن، فأعتبر تلك الحملة تجربةً إضافية زادتني قوّةً واحترافًا في عملي. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: أنتِ عضوٌ ناشط في "تحالف 1325" في أذربيجان. هل اضطلع هذا التحالف بدورٍ فعال في تعزيز إمكانيات النساء اللاجئات والمشرّدات داخليًّا في أذربيجان في إطار عملية بناء السلام؟ ما كان دورك في عمل التحالف وكيف ساهمت فيه؟ هجران حسينوفا:تمّ إنشاء "تحالف 1325" ضمن مشروع الأمم المتّحدة، والهدف منه هو تعزيز مبادرات المجتمع المدني وفضّ النزاعات بالطرق السلمية. سُمّي التحالف تيمّنًا بقرار الأمم المتّحدة رقم 1325. أعتقد أنّ هذا التحالف مفيدٌ جدًّا إذ يساعد الناس في فهم إيجابيّات فضّ النزاعات بالوسائل السلمية. لطالما دعمت النساء عمليّات بناء السلام، وهي مسألة تطال مباشرةً اللاجئات والمشرّدات داخليًّا نتيجة حرب ناغورنو- كاراباخ. من الضروري إذًا أن نعمل مع هؤلاء النساء. تجدر الإشارة هنا إلى أهمّية دعم الحكومة للمشاريع الرامية إلى تحسين أوضاعهنّ سواء على المستوى الاجتماعي أو الثقافي أو اليومي. بفضل العمل المتواصل الّذي تقوم به الهيئات الحكومية إلى جانب أولئك النساء الضعيفات، أصبحن قادرات على التعافي من صدمات الحرب والحفاظ على عائلاتهنّ وتربية أطفالهنّ. فقد عانين الأمرّين في ظلّ الصراع ولا شكّ في أنّهنّ يدركن منافع فضّ النزاع بالطرق السلمية ويشجّعن على اعتمادها، فالمرأة غالبًا ما تكون خير رسول للسلام. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: ما العمل برأيك̗ لتعزيز مشاركة النساء في السياسة في منطقة الاتّحاد السوفييتي السابقة، لا سيّما في أذربيجان؟ وهل من استراتيجيّات أو تدابير معيّنة توصين بها؟ هجران حسينوفا: ما بيدنا حيلة إن لم تبذل النساء أي مجهود للتغيير. فمن المستحيل أن نعمل بدون أن نلمس تفاعلاً في المقابل. ندعم النساء في قيادتهنّ للمشاريع، ونتعاون بشكل وثيق مع وزارة التنمية الاقتصادية لإدماج عدد أكبر من النساء في مجال الأعمال. فعندما تكتسب المرأة الاستقلاليّة المادّية تصبح فردًا أكثر نشاطًا في المجتمع. بالنسبة إلى النساء، لا يكفي الانخراط في نشاطٍ ما فحسب، بل عليهنّ أن يبذلن جهدًا أكبر وأن يرتقين بمستواهنّ المهني. في خلال تشكيل اللجنة، وظّفتُ مجموعةً من الشباب الّذين عملوا سابقًا في منظّمات لا تتوخّى الربح فتمرّسوا فيها. تفوّقوا على الآخرين من حيث تعلّم المهارات، وأردنا الاستفادة من خبراتهم. منذ البداية، عملنا بالتعاون مع منظّمات لا تتوخّى الربح ومنظّمات دوليّة. نعتقد أيضًا أنّ العمل مع وسائل الإعلام بالغ الأهمّية إذ أنّه يرفع مستويات التوعية في ما يتعلّق بعمل اللجنة، ما يزيد من فعاليّة جهودنا. كما أنّنا في طور بناء القدرات لدى النساء. وقد أنشأنا بالفعل مجلسًا من النساء الخبيرات ضمن اللجنة يمكن أن تحتذي به مؤسّسات كثيرة في أذربيجان. في ظلّ الاتّحاد السوفييتي، شغل عدد كبير من النساء مناصب صنع القرار بعد أن اكتسبن خبرات قيّمة من العمل في لجنة الحزب الشيوعي، فلا يسعنا تجاهل تلك الخبرات أيضًا. كما يجدر بنا أن نأخذ تقاليد المجتمع الأذربيجاني وقيمه الثقافية بعين الاعتبار، فالاعتقاد السائد فيه هو أنّ مهنة المرأة يجب أن تحلّ في المرتبة الثانية، فتكون الأولويّة لأطفالها وأسرتها. ومن الصعب إيجاد امرأة توفّق بين الإثنين بنجاح، فليست كلّ النساء قادرات على التوفيق بين العائلة والعمل. واجهتُ هذه المشكلة شخصيًّا لكنّني حظيت بدعم كبير من عائلتي ومن زوجي. بالرغم من خبرتي وحيازتي درجة دكتوراه في العلوم السياسية وعملي كرئيسة وبروفيسورة في قسم الديبلوماسية وعمليات الإدماج المعاصرة في جامعة باكو الحكومية وكرئيسة اللجنة الحكومية حول شؤون الأسرة والمرأة والطفل، أحاول أن أتمّم على أفضل وجهٍ مهمّتي كزوجة وكأمٍّ لابنتيّ. فقد ربّيتهما مع زوجي في جوّ يحترم القيم العائلية الوطنية ويواكب النظرة المعاصرة إلى دور المرأة في المجتمع في الوقت عينه. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة:هل تعتقدين أنّ التقاليد والثقافة قد تقوّض تمكين المرأة؟ في تلك الحال، ما العمل برأيك للقضاء على الصور النمطية للجنسين ولإزالة الحواجز الثقافية؟ هجران حسينوفا:لا يخفى عليكم أنّ الصور النمطية في تقاليدنا مختلفة. ففي ثقافتنا، ليست المرأة ضعيفةً أو خاضعة. إذا ما اطّلعنا على التراث الأذربيجاني والأدب الكلاسيكي في البلاد، أو حتّى القرآن الكريم وتعاليم النبي محمّد (ص)، نرى بوضوح أنّ المرأة موصوفة بشخصيّتها القويّة. عندما اكتسبت المرأة الأذربيجانية حق الانتخاب عام 1919، لم يكن معظم دول الغرب والشرق قد حقّق هذه الخطوة. وقد أُثبِتَت هذه الحقيقة مع مرور القرون، خاصّةً في القرن العشرين عندما باتت المرأة تتمتّع بالحقوق والحرّيات كافةً. أعتقد أنّ مجتمعنا مليء بالصور النمطية الخاطئة، وهدفنا الآن يقضي بإعادة إرساء التقاليد المثلى والترويج لها في المجتمع، مع العمل على إزالة الصور النمطية القائمة. وفقًا للدستور، نتمتّع بالمساواة في الحقوق، لكن يجب ألاّ تكون هذه المساواة حبرًا على ورق أو مجرّد شكليّات. فمن منظور حقوق الإنسان، يتمتّع الناس جميعًا بحقوق متساوية في التعليم والعناية الصحية والخدمات الاجتماعية وغيرها بغض النظر عن النوع الإجتماعي. وإذا ما انتُهِكَت حقوق أيّ من الموطنين، على الجهات الحكوميّة أن تمدّ له يد العون. لهذا السبب، صمّمنا برنامجًا لمكافحة العنف المنزلي ضدّ المرأة والطفل. في هذا الإطار أودّ أن أشير إلى مثالٍ يمكن أن تحتذي به كلّ النساء، وهو الإنجاز الّذي حقّقته السيّدة الأولى في أذربيجان، مهريبان علييفا، سفيرة النواية الحسنة لليونيسكو (UNESCO) وللمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (ISESCO)، وهي أيضًا عضو في البرلمان تخدم وطنها وتحرص على المحافظة على التقاليد الوطنية وتعزيز القيم العائلية. يجب أن تبدأ الجهود الرامية إلى إزالة الصور النمطية في مرحلة ما قبل المدرسة ثمّ في المراحل الدراسية، لتُستَكمَل في مؤسّسات التعليم العالي. لقد نظّمنا عددًا من الطاولات المستديرة للتداول في هذا الشأن، كما أنتجنا برنامجًا خاصًا يُبَثّ على شاشة التلفاز وأصدرنا جريدة معنيّة بذلك. في خلال نشاطاتنا، نغطّي مسائل بالغة الأهمّية بالنسبة إلى المجتمع. لا بدّ من أن يفهم الناس أنّ المساواة بين الجنسين لا تخصّ النساء فحسب، فحماية حقوق المرأة تطال الرجال أيضًا. يتطلّب تغيير هذه الأفكار السائدة عمليّةً طويلة ومضنية، لا يمكن إنجازها بين ليلةٍ وضحاها. عمومًا، من المهمّ استخدام مجموعة واسعة من وسائل تكنولوجيا المعلومات الحديثة لحلّ المشاكل المتعلّقة بالمساواة بين الجنسين. بالتالي، إنّ استحداث شبكات معلوماتية معاصرة للنساء والأطفال بالإضافة إلى مجموعة من الخطوط الساخنة قد يسفر عن نتائج مرضية جدًا. نعوّل في هذا المجال على الخبرات الخارجيّة الإيجابية، ونأمل أن تتكلّل جهودنا بالنجاح وأن نحقّق التقدّم على الساحة المحلّية. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: في عصرنا هذا، تؤثّر الابتكارات التكنولوجية في حياة الشعوب حول العالم، وتوفّر نفاذًا آنيًّا إلى المعلومات وتفسح مجالاً هائلاً للتشبيك بين ذوي الأهداف المشتركة من أشخاص ومنظمات. كيف لنا أن نضمن للنساء حسن استخدام التكنولوجيا المتوفرة والاستفادة منها بالطرق المثلى؟ هل تعتقدين أنّ المشاركة في شبكة كـ شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة قد تتيح للمرأة الولوج إلى المعلومات والموارد الضرورية لتتقدّم في مجال السياسة؟ هجران حسينوفا:غالبًا ما تعقد النساء السياسيات منتديات في مختلف أنحاء العالم. وتستضيف أذربيجان هذه السنة منتدًى دوليًّا حول "توسيع دور المرأة في الحوار بين الثقافات"، بمبادرةٍ من السيدة الأولى مهريبان علييفا. يمثّل هذا المنتدى فرصةً إضافية لجمع أهل العلم والسياسة من أقاصي الأرض لمناقشة المشاكل الراهنة. فكلّما اجتمعنا لنتواصل ونتشاطر وجهات النظر، كلّما أُتيحَت لنا فرص التغيير وإمكانيات تحسين الأوضاع. أؤكّد لكم أنّ صوت المرأة في حلّ المشاكل الدولية يجد صدًى متزايدًا. وقد شهدتُ على ذلك في كلّ مرّة ألقيت فيها كلمتي في المؤتمرات الدولية، ومن ضمنها فعاليّات الأمم المتّحدة. فكلّ خطاب يكون بمثابة فرصة ننتهزها للتطرّق إلى حلّ مشكلة ناغورنو- كاراباخ، واعتداءات أرمينيا المجاورة، وإمكانية تعزيز التضامن الدولي بين النساء للوقاية من التصعيد في النزاع. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة : ما هي النصيحة التي تقدّمينها لأعضاء شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة ، لا سيّما النساء المرشّحات والمسؤولات في مسيرتهنّ السياسية؟ هجران حسينوفا: أقترح على النساء ما يلي: 1. التحلّي بأعلى مستوى من الاحتراف؛ 2. عدم التعويل على تساهل الناس معهنّ؛ 3. إيجاد تسوية معقولة دائمًا في إطار التعامل مع الموظّفين وفي حياتهنّ الشخصيّة؛ 4. تقبّل الإبتكارات، التحلّي بحسّ مبدعٍ وخلاّق، والجرأة على التعلّم؛ 5. عدم إغراق النفس في العمل بل العمل بجدّية وفي الوقت عينه، المحافظة على أنوثتهنّ. تاريخ المقابلة: أيار/مايو 2008

 

 

Date of Interview
Region
رئيسة اللجنة الحكومية حول شؤون الأسرة والمرأة والطفل في أذربيجان