Back
March 11, 2009
ألوميزا إنوس- بار
نائب في البرلمان في ليبيريا ورئيسة التجمّع النسائي البرلماني
كنتُ امرأة إفريقية تقليدية، تربّيت على فكرة أنّ السياسة حكرٌ على الرجال، ورفضت الترشّح. لكن في نهاية المطاف، ترشّحت من أجل حزبي، إذ اعتقدت أن بقائي خارج الميدان السياسي غير عادل. لذا قبلت وقرّرت أن أترشّح للانتخابات.
المتن:
شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: تترأسين أول تجمّع نسائي تشريعي في ليبيريا. هل هذه المرّة الأولى التي يضمّ فيها البرلمان الليبيري عددًا كبيرًا من النساء؟ لماذا قرّرت تشكيل تجمّع نسائي؟ هل تأثّرت بتجارب مماثلة في دول إفريقية أخرى؟
ألوميزا إنوس- بار: تُعَدّ هذه الحكومة تاريخيةً في ليبيريا لأنّها المرّة الأولى التي يبلغ فيها عدد النساء البرلمانيات هذا الحدّ. يضمّ مجلس النواب تسع نساء (من أصل 64 نائب) وخمس نساء (من أصل 30) في مجلس الشيوخ. يبلغ عددنا 14 امرأة، ومعظم النساء مبتدئات في المجال السياسي وما زلن في طور التعلّم. هذه المرّة الأولى التي نشكل فيها تجمّعًا وعضويتنا لا تستند إلى أساس حزبي، فنحن ننتمي إلى أحزاب مختلفة. ما إن يتم تشكيل التجمّع لا بدّ من تحديد مهمّتنا وأهدافنا. استمدّينا الإلهام من تجربة رواندا، وهي ثمرة جهود جمّة بذلتها مشرّعات أفريقيات. نسعى إلى زيادة نفوذنا في البرلمان والمجتمع لذا نحاول الانطلاق من تجربة الدول الأخرى. ما زلنا يافعات في السياسة من حيث المقترحات والمأسسة.شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: هلاّ أخبرتِ القرّاء كيف أثارت السياسة اهتمامك بعد مرور مرحلة بالغة العنف في تاريخ بلادك؟ ألوميزا إنوس- بار: طلب منّي السفير "جورج ويه"، وهو قائدٌ في كونغرس التغيير الديمقراطي، أن أنضم إلى صفوف تجمّعه. فأصبحت عضوًا في كونغرس التغيير الديمقراطي، وهكذا خضت المعترك السياسي. يتركّز عملي في الرابطة النسائية. عندما حان وقت الانتخابات، شجّع وزير الشؤون الجنسانية ومنظمة الأمم المتّحدة النساء على إدراج أسمائهن للترشح. أساسًا، لم تطبّق الأحزاب نسبة الـ30 في المئة الإلزامية لإشراك النساء. لذا اضطرّ الجميع إلى العودة إلى نقطة الصفر ليطلبوا من النساء الترشح. عندئذٍ طُلِب مني أن أمثّل حزبي. كنت امرأة إفريقية تقليدية تربّيت على فكرة أنّ السياسة حكرٌ على الرجال، ورفضت الترشّح. لكن في نهاية المطاف، ترشّحت من أجل حزبي، إذ اعتقدت أن بقائي خارج الميدان السياسي غير عادل. لذا قبلت وقرّرت أن أترشّح للانتخابات. بالنسبة لي وبالنسبة إلى كلّ المرشّحات، تكمن المشكلة الأساسية في أنّنا لم نعتد دخول الميدان السياسي ولا احتلال مناصب السلطة. ولا بدّ لنا من إيجاد الموارد اللازمة بما فيها المال. قدّمت وزارة الشؤون الجنسانية بالتعاون مع صندوق الأمم المتّحدة الإنمائي للمرأة (UNIFEM) برامج تدريب خاصة لبناء المهارات. بالنسبة إلى معظم المرشّحات، كانت تلك التجربة الأولى في السياسة. لم نعرف كيفية قيادة الحملات الانتخابية، ولا كيفية التعبير عن رأينا. لم نعرف حتّى كيفية تشكيل منصّة. لذا، اضطررت إلى التواصل مع مجموعات كثيرة، فأنا أمثّل إحدى أكبر الدوائر الانتخابية في البلاد. كان علي أن أتكلم مع أشخاص يتحدّرون من خلفيات ومجموعات إثنية مختلفة، ومستويات التعليم متفاوتة بينهم. اقترحت وزارة الشؤون الجنسانية أن تساعدنا في تطوير قدرتنا على الترشّح للانتخابات. بدأت العملية في شهر آب/ أغسطس 2005، وكان موعد الانتخابات في تشرين الأول/ أكتوبر. لم يكن من السهل أن أدقّ الأبواب. يا لها من حملة! اضطررت إلى الانتقال من الخطابات العامّة إلى التكلّم مع كبار السنّ الّذين عجزوا عن حضور الاحتفالات الانتخابية. وقد استندت إلى الموارد التي زوّدتني بها وزارة الشؤون الجنسانية من خلال التدريب. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: كيف كانت الأوضاع السياسية وقتذاك؟ هل لقيت الدعم من عائلتك وأصدقائك ورفاقك في الحزب؟ هل واجهت الكثير من الصعوبات؟ ألوميزا إنوس- بار: لا شكّ في أنّ زملائي في الحزب دعموني، لكنّني لقيت أيضًا التأييد من أحزاب سياسية أخرى. عندما قدت حملتي الانتخابية، علمت أنّ بعض المواطنين لن يتقبّلوني بسبب انتمائي السياسي، وفكّرت:"أنا امرأة مرشّحة للانتخابات. لقد عقدت عزيمتي على إحداث التغيير. إذا ما ضعفت، سنفشل في تحقيق إنجازات كثيرة نريدها للنساء." عندئذٍ قلت للناخبين:"إنسوا حزبي وانسوا انتمائي السياسي! انسوا كلّ ما تعرفونه عني واعتبروني امرأة تريد أن تحدث التغيير من أجل أطفالنا." حصلت من خلال هذا الخطاب على أصوات كثيرة بالإضافة إلى دعم الأحزاب السياسية الأخرى. لهذا السبب نشجّع النساء على دخول الميدان السياسي في بلدنا وفي البلدان الأخرى. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: هلاّ أخبرتِ القرّاء عن التغيير في السياسات أو المقترحات التشريعية حول الشؤون الجنسانية التي تنوين العمل عليها في خلال ولايتك؟ ألوميزا إنوس- بار: أوّلاً نريد أن نعالج مسألة حصّة الـ30 في المئة. سنصيغ مسودة قانون لنحيلها إلى الكونغرس، ونسعى إلى التماس الدعم من مختلف الأحزاب لاعتماد هذا القانون في خلال هذه الجلسة التشريعية. لقد حظينا بتأييد وزارة الشؤون الجنسانية والتنمية. وآمل أن يمرّر التجمّع النسائي قانون الحصص هذه السنة. لن يكتفي ذاك القانون بحصة 30 في المئة، فنحن نعتبر هذه النسبة شرطًا أساسيًا لتحسين الأوضاع في المستقبل. خلّفت الحرب آثارًا سلبية كثيرة. سعيًا منا إلى تصحيح الأوضاع، عملنا على الارتقاء بمستويات الوعي حيال الشؤون الجنسانية ولجأنا إلى الأحزاب السياسية لمساعدتنا في تحسين الوضع. من الأهداف التي حدّدناها، تشديد العقاب المفروض على مرتكبي جرائم الحرب الوحشيّة، لا سيّما بحق النساء. إن أفلت أولئك المجرمون من العقاب، سيعيد آخرون الكرّة في المستقبل. نعمل بالتعاون مع منظمات نسائية ومجموعات مناصرة وغيرها من الجهات الفاعلة بهدف معالجة هذه المسألة. كما وسوف نطرح قانونًا لمكافحة الفساد، فهو قضيّة تطال المرأة أيضًا إذ تنعكس على جميع أوجه الحياة اليومية. لقد راكمت النساء خبرات طويلة في مجال إدارة الأموال. فعندما يحصلن على القروض المصغّرة، يسدّدن الديون المتوجبة عليهنّ. لهذا السبب، نعتقد أنّنا قادرات على المساهمة في تقدّم بلادنا. كانت النساء في ليبيريا يعملن قبل أن يشغلن المناصب الحكومية. لقد مات أزواجنا وأطفالنا، والآن وقد دخلنا المعترك السياسي، سنبقى في صلب النظام لوقت طويل. كان الألم بالنسبة إلينا بمثابة قوّة دفعتنا إلى المشاركة في السياسة. كلّنا أهل سياسة، وهذا هو تاريخ ليبيريا. رئيستنا هي أوّل امرأة تترأس دولة أفريقية، وعلينا أن نبذل ما في وسعنا لضمان نجاحها ولتشجيع النساء الأفريقيات. في قارّتنا قول شائع، "عندما تمتلئ بطون الرجال، تأتي النساء لتنظيف الصحون". بما أنّ الرجال انصرفوا إلى الحرب، أتاحوا لنا ما يكفي من الوقت لتنظيف بيوتنا وبلادنا. وها نحن الآن نتمتّع بالنفاذ إلى المياه النظيفة والأدوية والمزيد من المدارس. لذا لا بدّ من أن نحرص على التحاق فتياتنا بالمدارس. في النهاية أنا شاكرة جدًّا لكلّ الفرص الّتي سُنِحَت لنا. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: ما هي التحدّيات التي تواجهينها كامرأة في منصب قيادي في دولة لطالما حكمها الرجال؟ وما هو بالنسبة إلى النساء مدى أهمّية انتخاب السيدة "جونسون سيرليف" رئيسةً لليبيريا، وهي أوّل امرأة أفريقية تشغل هذا المنصب؟ ما هي الاستراتيجيات المعتمدة لإشراك الرجل في مسارات التغيير هذه بغية تعزيز المساواة بين الجنسين؟ ألوميزا إنوس- بار ما زلنا نواجه العقبات والتعدّيات الصادرة عن الزملاء الرجال. فقد احتكر الرجال السلطة لأكثر من خمسين عامًا، وليس من السهل عليهم أن يتشاطروا نفوذهم معنا، فيما يُعتَبَر تشاطر السلطة أمرًا ضروريًا. من الإيجابي جدًّا أن بلادنا تتمتّع بأوّل رئيسة دولة في إفريقيا، فذلك يشجّع النساء على الالتحاق بالمدارس والمشاركة في المنظمات والحياة السياسية. تفكّر نساء كثيرات : "إن أصبحت هي رئيسةً، فأنا أيضًا قادرة على ذلك". سيدفعهنّ طموحهنّ في أن يصبحن رئيسات إلى ارتياد المدرسة. وإن لم يصلن إلى الرئاسة، قد يصبحن وزيرات أو أعضاء في البرلمان، لكن بأي حال سيزداد مستوى العلم في مجتمعنا نتيجة لذلك. وقد تمّ تشكيل التجمّع النسائي لدعم هذا المسار، ولتحقيق حلم رئيستنا وحلم أطفالنا بمستقبل يراعي الشؤون الجنسانية. نحن نعمل بالتعاون مع الرجال إذ لا يمكن أن نتجاهلهم. نحاول بقدر الإمكان أن نعاملهم بإنصاف. لكنّ نفوذهم طائل ولا يرتاحون لفكرة تقاسم سلطتهم معنا. كوننا أقلّية، لن نضيّع أي إمكانية في يدنا. نحاول أن نصيغ القوانين معهم وأن نرتقي بها. فنحن لم نصل إلى السلطة لنقلّل من شأن الرجال، فالمساواة بين الجنسين لا تقتصر على المرأة فحسب، بل تعني الرجل والمرأة على حدّ سواء. لعلّ التفاوض هو الاستراتيجية المثلى. ولا بدّ من إشراك الرجال وتعليمهم. فعندما نتكلّم على وزارة الشؤون الجنسانية، لا نعني معاداة الرجال أو الانتقاص من سلطتهم. بل نعني المساواة ولا شكّ في أنّ نظام الحصص هو خطوة بذاك الاتّجاه. نسعى إلى تشجيع النساء على المشاركة في مجالات أكثر من الحياة الاجتماعية، نحثّهنّ على أن يشغلن منصب حاكم المدينة، على أن يشاركن في الانتخابات وفي المجالس المحلّية والهيئات المماثلة. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: ما هي توقّعاتك بالنسبة إلى "الندوة الدولية لتمكين المرأة وتنمية القيادة والسلام والأمن الدوليين"، بمبادرة من الرئيستين الليبيرية والفنلندية؟ ألوميزا إنوس- بار: آمل قبل كلّ شيء أن تؤدي الندوة إلى اعتماد استراتيجية للعمل مع الرجال ومساعدتهم على فهم حقوق المرأة والاعتراف بأنّ المرأة لا تشكّل تهديدًا لهم، بل تزداد قوّتهم إن تعاونوا معها. نحتاج إلى استراتيجيات، لا على المستوى الحكومي فحسب، بل أيضًا في القرى والبلدات وحتّى في المنزل. لا بدّ لنا من توطيد علاقاتنا وتعزيز شبكاتنا. من المهم أن نحظى بدعم الآخرين، وأن نعلم أنّ نساء أخريات يهتممن لأمرنا. لا يمكن تأجيل استراتيجيتنا الخاصة بالمرأة، فالمسألة تتعلّق بالتمكين. أحيانًا تراودنا أفكار رائعة، لكنّنا لا نجرؤ على المجاهرة بها. عندما نعلم أنّ نساء أخريات يعبّرن عن رأيهنّ بدون خوف، نتشجّع على القيام بالمثل. يساهم الاجتماع مع أصدقائنا حول العالم في إعطائنا الفرصة للتعبير عن مخاوفنا وقصورنا وإيجاد الحلول المناسبة. أنا متفائلة جدًّا حيال منافع هذه الندوة. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: هل من نصيحة أو توصيات توجهينها للنساء الشابات اللواتي يشغلن مناصب قيادية في ليبيريا وفي بلدان أخرى؟ ألوميزا إنوس- بار: أودّ أن أقول لهنّ: إن أردتنّ خوض المعترك السياسي، إفعلنَ ذلك بحزم، كما من المفترض أن يفعل الرجل. حتّى ولو كنتِ امرأة لا تلعبي دور المرأة التقليدي في السياسة. لا شكّ في أنّها مهمّة صعبة. فلا بدّ للمرأة من أن تركّز على هدفها وأن تشدّ عزيمتها، كي تكون قدوةً للآخرين فتحذو حذوها الفتيات والشابات. عليها أن تتحلّى بالشفافية لمكافحة الفساد. يجب أن نعمل بجهد لأنّ معظم الرجال يقفون لنا بالمرصاد بانتظار أن نفشل. علينا أن نتبادل الدعم كي نتخطّى الشروخ الحزبية. فإن نجاح إحدانا هو نجاحٌ لنا جميعًا وللنساء في كلّ أنحاء إفريقيا. أمّا فشل هذا المسار في بلد مثل ليبيريا فيشكّل وصمة عار للمرأة لا في ليبيريا فحسب بل في أفريقيا بأسرها. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: ما هو دور التشبيك في إيصال صوت المرأة وتعزيز دورها على مختلف مستويات الحكم؟ هل تعتبرين شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة قناة مهمّة لمساعدة النساء السياسات في تحقيق أهدافهنّ؟ ألوميزا إنوس- بار: إن التشبيك بالغ الأهمية، وهو أداة ضرورية لتمكين المرأة. لقد لجأت إلى الشبكات لجمع النصائح من مختلف المصادر عندما احتجت إلى حلّ مشكلةٍ ما. عندما أواجه مشكلة، أستطيع أن أتصل بزملائي قائلةً: "عندي هذه المشكلة في مقاطعتي. ماذا أفعل برأيكم؟"عندئذٍ يخبرونني كيف عالجوا المشاكل المماثلة. يساهم التشبيك في تبادل المساعدة لا سيّما لأنّ تمكين المرأة موضوع جديد لا سيّما في إفريقيا. أحتاج إلى حماية زميلاتي حول العالم لأحمي نفسي. وأتعهّد بحمايتهنّ، فهذا هو المغزى من التشبيك، وهكذا تعتني إحدانا بالأخرى.
ألوميزا إنوس- بار: تُعَدّ هذه الحكومة تاريخيةً في ليبيريا لأنّها المرّة الأولى التي يبلغ فيها عدد النساء البرلمانيات هذا الحدّ. يضمّ مجلس النواب تسع نساء (من أصل 64 نائب) وخمس نساء (من أصل 30) في مجلس الشيوخ. يبلغ عددنا 14 امرأة، ومعظم النساء مبتدئات في المجال السياسي وما زلن في طور التعلّم. هذه المرّة الأولى التي نشكل فيها تجمّعًا وعضويتنا لا تستند إلى أساس حزبي، فنحن ننتمي إلى أحزاب مختلفة. ما إن يتم تشكيل التجمّع لا بدّ من تحديد مهمّتنا وأهدافنا. استمدّينا الإلهام من تجربة رواندا، وهي ثمرة جهود جمّة بذلتها مشرّعات أفريقيات. نسعى إلى زيادة نفوذنا في البرلمان والمجتمع لذا نحاول الانطلاق من تجربة الدول الأخرى. ما زلنا يافعات في السياسة من حيث المقترحات والمأسسة.شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: هلاّ أخبرتِ القرّاء كيف أثارت السياسة اهتمامك بعد مرور مرحلة بالغة العنف في تاريخ بلادك؟ ألوميزا إنوس- بار: طلب منّي السفير "جورج ويه"، وهو قائدٌ في كونغرس التغيير الديمقراطي، أن أنضم إلى صفوف تجمّعه. فأصبحت عضوًا في كونغرس التغيير الديمقراطي، وهكذا خضت المعترك السياسي. يتركّز عملي في الرابطة النسائية. عندما حان وقت الانتخابات، شجّع وزير الشؤون الجنسانية ومنظمة الأمم المتّحدة النساء على إدراج أسمائهن للترشح. أساسًا، لم تطبّق الأحزاب نسبة الـ30 في المئة الإلزامية لإشراك النساء. لذا اضطرّ الجميع إلى العودة إلى نقطة الصفر ليطلبوا من النساء الترشح. عندئذٍ طُلِب مني أن أمثّل حزبي. كنت امرأة إفريقية تقليدية تربّيت على فكرة أنّ السياسة حكرٌ على الرجال، ورفضت الترشّح. لكن في نهاية المطاف، ترشّحت من أجل حزبي، إذ اعتقدت أن بقائي خارج الميدان السياسي غير عادل. لذا قبلت وقرّرت أن أترشّح للانتخابات. بالنسبة لي وبالنسبة إلى كلّ المرشّحات، تكمن المشكلة الأساسية في أنّنا لم نعتد دخول الميدان السياسي ولا احتلال مناصب السلطة. ولا بدّ لنا من إيجاد الموارد اللازمة بما فيها المال. قدّمت وزارة الشؤون الجنسانية بالتعاون مع صندوق الأمم المتّحدة الإنمائي للمرأة (UNIFEM) برامج تدريب خاصة لبناء المهارات. بالنسبة إلى معظم المرشّحات، كانت تلك التجربة الأولى في السياسة. لم نعرف كيفية قيادة الحملات الانتخابية، ولا كيفية التعبير عن رأينا. لم نعرف حتّى كيفية تشكيل منصّة. لذا، اضطررت إلى التواصل مع مجموعات كثيرة، فأنا أمثّل إحدى أكبر الدوائر الانتخابية في البلاد. كان علي أن أتكلم مع أشخاص يتحدّرون من خلفيات ومجموعات إثنية مختلفة، ومستويات التعليم متفاوتة بينهم. اقترحت وزارة الشؤون الجنسانية أن تساعدنا في تطوير قدرتنا على الترشّح للانتخابات. بدأت العملية في شهر آب/ أغسطس 2005، وكان موعد الانتخابات في تشرين الأول/ أكتوبر. لم يكن من السهل أن أدقّ الأبواب. يا لها من حملة! اضطررت إلى الانتقال من الخطابات العامّة إلى التكلّم مع كبار السنّ الّذين عجزوا عن حضور الاحتفالات الانتخابية. وقد استندت إلى الموارد التي زوّدتني بها وزارة الشؤون الجنسانية من خلال التدريب. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: كيف كانت الأوضاع السياسية وقتذاك؟ هل لقيت الدعم من عائلتك وأصدقائك ورفاقك في الحزب؟ هل واجهت الكثير من الصعوبات؟ ألوميزا إنوس- بار: لا شكّ في أنّ زملائي في الحزب دعموني، لكنّني لقيت أيضًا التأييد من أحزاب سياسية أخرى. عندما قدت حملتي الانتخابية، علمت أنّ بعض المواطنين لن يتقبّلوني بسبب انتمائي السياسي، وفكّرت:"أنا امرأة مرشّحة للانتخابات. لقد عقدت عزيمتي على إحداث التغيير. إذا ما ضعفت، سنفشل في تحقيق إنجازات كثيرة نريدها للنساء." عندئذٍ قلت للناخبين:"إنسوا حزبي وانسوا انتمائي السياسي! انسوا كلّ ما تعرفونه عني واعتبروني امرأة تريد أن تحدث التغيير من أجل أطفالنا." حصلت من خلال هذا الخطاب على أصوات كثيرة بالإضافة إلى دعم الأحزاب السياسية الأخرى. لهذا السبب نشجّع النساء على دخول الميدان السياسي في بلدنا وفي البلدان الأخرى. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: هلاّ أخبرتِ القرّاء عن التغيير في السياسات أو المقترحات التشريعية حول الشؤون الجنسانية التي تنوين العمل عليها في خلال ولايتك؟ ألوميزا إنوس- بار: أوّلاً نريد أن نعالج مسألة حصّة الـ30 في المئة. سنصيغ مسودة قانون لنحيلها إلى الكونغرس، ونسعى إلى التماس الدعم من مختلف الأحزاب لاعتماد هذا القانون في خلال هذه الجلسة التشريعية. لقد حظينا بتأييد وزارة الشؤون الجنسانية والتنمية. وآمل أن يمرّر التجمّع النسائي قانون الحصص هذه السنة. لن يكتفي ذاك القانون بحصة 30 في المئة، فنحن نعتبر هذه النسبة شرطًا أساسيًا لتحسين الأوضاع في المستقبل. خلّفت الحرب آثارًا سلبية كثيرة. سعيًا منا إلى تصحيح الأوضاع، عملنا على الارتقاء بمستويات الوعي حيال الشؤون الجنسانية ولجأنا إلى الأحزاب السياسية لمساعدتنا في تحسين الوضع. من الأهداف التي حدّدناها، تشديد العقاب المفروض على مرتكبي جرائم الحرب الوحشيّة، لا سيّما بحق النساء. إن أفلت أولئك المجرمون من العقاب، سيعيد آخرون الكرّة في المستقبل. نعمل بالتعاون مع منظمات نسائية ومجموعات مناصرة وغيرها من الجهات الفاعلة بهدف معالجة هذه المسألة. كما وسوف نطرح قانونًا لمكافحة الفساد، فهو قضيّة تطال المرأة أيضًا إذ تنعكس على جميع أوجه الحياة اليومية. لقد راكمت النساء خبرات طويلة في مجال إدارة الأموال. فعندما يحصلن على القروض المصغّرة، يسدّدن الديون المتوجبة عليهنّ. لهذا السبب، نعتقد أنّنا قادرات على المساهمة في تقدّم بلادنا. كانت النساء في ليبيريا يعملن قبل أن يشغلن المناصب الحكومية. لقد مات أزواجنا وأطفالنا، والآن وقد دخلنا المعترك السياسي، سنبقى في صلب النظام لوقت طويل. كان الألم بالنسبة إلينا بمثابة قوّة دفعتنا إلى المشاركة في السياسة. كلّنا أهل سياسة، وهذا هو تاريخ ليبيريا. رئيستنا هي أوّل امرأة تترأس دولة أفريقية، وعلينا أن نبذل ما في وسعنا لضمان نجاحها ولتشجيع النساء الأفريقيات. في قارّتنا قول شائع، "عندما تمتلئ بطون الرجال، تأتي النساء لتنظيف الصحون". بما أنّ الرجال انصرفوا إلى الحرب، أتاحوا لنا ما يكفي من الوقت لتنظيف بيوتنا وبلادنا. وها نحن الآن نتمتّع بالنفاذ إلى المياه النظيفة والأدوية والمزيد من المدارس. لذا لا بدّ من أن نحرص على التحاق فتياتنا بالمدارس. في النهاية أنا شاكرة جدًّا لكلّ الفرص الّتي سُنِحَت لنا. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: ما هي التحدّيات التي تواجهينها كامرأة في منصب قيادي في دولة لطالما حكمها الرجال؟ وما هو بالنسبة إلى النساء مدى أهمّية انتخاب السيدة "جونسون سيرليف" رئيسةً لليبيريا، وهي أوّل امرأة أفريقية تشغل هذا المنصب؟ ما هي الاستراتيجيات المعتمدة لإشراك الرجل في مسارات التغيير هذه بغية تعزيز المساواة بين الجنسين؟ ألوميزا إنوس- بار ما زلنا نواجه العقبات والتعدّيات الصادرة عن الزملاء الرجال. فقد احتكر الرجال السلطة لأكثر من خمسين عامًا، وليس من السهل عليهم أن يتشاطروا نفوذهم معنا، فيما يُعتَبَر تشاطر السلطة أمرًا ضروريًا. من الإيجابي جدًّا أن بلادنا تتمتّع بأوّل رئيسة دولة في إفريقيا، فذلك يشجّع النساء على الالتحاق بالمدارس والمشاركة في المنظمات والحياة السياسية. تفكّر نساء كثيرات : "إن أصبحت هي رئيسةً، فأنا أيضًا قادرة على ذلك". سيدفعهنّ طموحهنّ في أن يصبحن رئيسات إلى ارتياد المدرسة. وإن لم يصلن إلى الرئاسة، قد يصبحن وزيرات أو أعضاء في البرلمان، لكن بأي حال سيزداد مستوى العلم في مجتمعنا نتيجة لذلك. وقد تمّ تشكيل التجمّع النسائي لدعم هذا المسار، ولتحقيق حلم رئيستنا وحلم أطفالنا بمستقبل يراعي الشؤون الجنسانية. نحن نعمل بالتعاون مع الرجال إذ لا يمكن أن نتجاهلهم. نحاول بقدر الإمكان أن نعاملهم بإنصاف. لكنّ نفوذهم طائل ولا يرتاحون لفكرة تقاسم سلطتهم معنا. كوننا أقلّية، لن نضيّع أي إمكانية في يدنا. نحاول أن نصيغ القوانين معهم وأن نرتقي بها. فنحن لم نصل إلى السلطة لنقلّل من شأن الرجال، فالمساواة بين الجنسين لا تقتصر على المرأة فحسب، بل تعني الرجل والمرأة على حدّ سواء. لعلّ التفاوض هو الاستراتيجية المثلى. ولا بدّ من إشراك الرجال وتعليمهم. فعندما نتكلّم على وزارة الشؤون الجنسانية، لا نعني معاداة الرجال أو الانتقاص من سلطتهم. بل نعني المساواة ولا شكّ في أنّ نظام الحصص هو خطوة بذاك الاتّجاه. نسعى إلى تشجيع النساء على المشاركة في مجالات أكثر من الحياة الاجتماعية، نحثّهنّ على أن يشغلن منصب حاكم المدينة، على أن يشاركن في الانتخابات وفي المجالس المحلّية والهيئات المماثلة. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: ما هي توقّعاتك بالنسبة إلى "الندوة الدولية لتمكين المرأة وتنمية القيادة والسلام والأمن الدوليين"، بمبادرة من الرئيستين الليبيرية والفنلندية؟ ألوميزا إنوس- بار: آمل قبل كلّ شيء أن تؤدي الندوة إلى اعتماد استراتيجية للعمل مع الرجال ومساعدتهم على فهم حقوق المرأة والاعتراف بأنّ المرأة لا تشكّل تهديدًا لهم، بل تزداد قوّتهم إن تعاونوا معها. نحتاج إلى استراتيجيات، لا على المستوى الحكومي فحسب، بل أيضًا في القرى والبلدات وحتّى في المنزل. لا بدّ لنا من توطيد علاقاتنا وتعزيز شبكاتنا. من المهم أن نحظى بدعم الآخرين، وأن نعلم أنّ نساء أخريات يهتممن لأمرنا. لا يمكن تأجيل استراتيجيتنا الخاصة بالمرأة، فالمسألة تتعلّق بالتمكين. أحيانًا تراودنا أفكار رائعة، لكنّنا لا نجرؤ على المجاهرة بها. عندما نعلم أنّ نساء أخريات يعبّرن عن رأيهنّ بدون خوف، نتشجّع على القيام بالمثل. يساهم الاجتماع مع أصدقائنا حول العالم في إعطائنا الفرصة للتعبير عن مخاوفنا وقصورنا وإيجاد الحلول المناسبة. أنا متفائلة جدًّا حيال منافع هذه الندوة. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: هل من نصيحة أو توصيات توجهينها للنساء الشابات اللواتي يشغلن مناصب قيادية في ليبيريا وفي بلدان أخرى؟ ألوميزا إنوس- بار: أودّ أن أقول لهنّ: إن أردتنّ خوض المعترك السياسي، إفعلنَ ذلك بحزم، كما من المفترض أن يفعل الرجل. حتّى ولو كنتِ امرأة لا تلعبي دور المرأة التقليدي في السياسة. لا شكّ في أنّها مهمّة صعبة. فلا بدّ للمرأة من أن تركّز على هدفها وأن تشدّ عزيمتها، كي تكون قدوةً للآخرين فتحذو حذوها الفتيات والشابات. عليها أن تتحلّى بالشفافية لمكافحة الفساد. يجب أن نعمل بجهد لأنّ معظم الرجال يقفون لنا بالمرصاد بانتظار أن نفشل. علينا أن نتبادل الدعم كي نتخطّى الشروخ الحزبية. فإن نجاح إحدانا هو نجاحٌ لنا جميعًا وللنساء في كلّ أنحاء إفريقيا. أمّا فشل هذا المسار في بلد مثل ليبيريا فيشكّل وصمة عار للمرأة لا في ليبيريا فحسب بل في أفريقيا بأسرها. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: ما هو دور التشبيك في إيصال صوت المرأة وتعزيز دورها على مختلف مستويات الحكم؟ هل تعتبرين شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة قناة مهمّة لمساعدة النساء السياسات في تحقيق أهدافهنّ؟ ألوميزا إنوس- بار: إن التشبيك بالغ الأهمية، وهو أداة ضرورية لتمكين المرأة. لقد لجأت إلى الشبكات لجمع النصائح من مختلف المصادر عندما احتجت إلى حلّ مشكلةٍ ما. عندما أواجه مشكلة، أستطيع أن أتصل بزملائي قائلةً: "عندي هذه المشكلة في مقاطعتي. ماذا أفعل برأيكم؟"عندئذٍ يخبرونني كيف عالجوا المشاكل المماثلة. يساهم التشبيك في تبادل المساعدة لا سيّما لأنّ تمكين المرأة موضوع جديد لا سيّما في إفريقيا. أحتاج إلى حماية زميلاتي حول العالم لأحمي نفسي. وأتعهّد بحمايتهنّ، فهذا هو المغزى من التشبيك، وهكذا تعتني إحدانا بالأخرى.
Date of Interview
Region
نائب في البرلمان في ليبيريا ورئيسة التجمّع النسائي البرلماني
Print article
كنتُ امرأة إفريقية تقليدية، تربّيت على فكرة أنّ السياسة حكرٌ على الرجال، ورفضت الترشّح. لكن في نهاية المطاف، ترشّحت من أجل حزبي، إذ اعتقدت أن بقائي خارج الميدان السياسي غير عادل. لذا قبلت وقرّرت أن أترشّح للانتخابات.
المتن:
شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: تترأسين أول تجمّع نسائي تشريعي في ليبيريا. هل هذه المرّة الأولى التي يضمّ فيها البرلمان الليبيري عددًا كبيرًا من النساء؟ لماذا قرّرت تشكيل تجمّع نسائي؟ هل تأثّرت بتجارب مماثلة في دول إفريقية أخرى؟
ألوميزا إنوس- بار: تُعَدّ هذه الحكومة تاريخيةً في ليبيريا لأنّها المرّة الأولى التي يبلغ فيها عدد النساء البرلمانيات هذا الحدّ. يضمّ مجلس النواب تسع نساء (من أصل 64 نائب) وخمس نساء (من أصل 30) في مجلس الشيوخ. يبلغ عددنا 14 امرأة، ومعظم النساء مبتدئات في المجال السياسي وما زلن في طور التعلّم. هذه المرّة الأولى التي نشكل فيها تجمّعًا وعضويتنا لا تستند إلى أساس حزبي، فنحن ننتمي إلى أحزاب مختلفة. ما إن يتم تشكيل التجمّع لا بدّ من تحديد مهمّتنا وأهدافنا. استمدّينا الإلهام من تجربة رواندا، وهي ثمرة جهود جمّة بذلتها مشرّعات أفريقيات. نسعى إلى زيادة نفوذنا في البرلمان والمجتمع لذا نحاول الانطلاق من تجربة الدول الأخرى. ما زلنا يافعات في السياسة من حيث المقترحات والمأسسة.شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: هلاّ أخبرتِ القرّاء كيف أثارت السياسة اهتمامك بعد مرور مرحلة بالغة العنف في تاريخ بلادك؟ ألوميزا إنوس- بار: طلب منّي السفير "جورج ويه"، وهو قائدٌ في كونغرس التغيير الديمقراطي، أن أنضم إلى صفوف تجمّعه. فأصبحت عضوًا في كونغرس التغيير الديمقراطي، وهكذا خضت المعترك السياسي. يتركّز عملي في الرابطة النسائية. عندما حان وقت الانتخابات، شجّع وزير الشؤون الجنسانية ومنظمة الأمم المتّحدة النساء على إدراج أسمائهن للترشح. أساسًا، لم تطبّق الأحزاب نسبة الـ30 في المئة الإلزامية لإشراك النساء. لذا اضطرّ الجميع إلى العودة إلى نقطة الصفر ليطلبوا من النساء الترشح. عندئذٍ طُلِب مني أن أمثّل حزبي. كنت امرأة إفريقية تقليدية تربّيت على فكرة أنّ السياسة حكرٌ على الرجال، ورفضت الترشّح. لكن في نهاية المطاف، ترشّحت من أجل حزبي، إذ اعتقدت أن بقائي خارج الميدان السياسي غير عادل. لذا قبلت وقرّرت أن أترشّح للانتخابات. بالنسبة لي وبالنسبة إلى كلّ المرشّحات، تكمن المشكلة الأساسية في أنّنا لم نعتد دخول الميدان السياسي ولا احتلال مناصب السلطة. ولا بدّ لنا من إيجاد الموارد اللازمة بما فيها المال. قدّمت وزارة الشؤون الجنسانية بالتعاون مع صندوق الأمم المتّحدة الإنمائي للمرأة (UNIFEM) برامج تدريب خاصة لبناء المهارات. بالنسبة إلى معظم المرشّحات، كانت تلك التجربة الأولى في السياسة. لم نعرف كيفية قيادة الحملات الانتخابية، ولا كيفية التعبير عن رأينا. لم نعرف حتّى كيفية تشكيل منصّة. لذا، اضطررت إلى التواصل مع مجموعات كثيرة، فأنا أمثّل إحدى أكبر الدوائر الانتخابية في البلاد. كان علي أن أتكلم مع أشخاص يتحدّرون من خلفيات ومجموعات إثنية مختلفة، ومستويات التعليم متفاوتة بينهم. اقترحت وزارة الشؤون الجنسانية أن تساعدنا في تطوير قدرتنا على الترشّح للانتخابات. بدأت العملية في شهر آب/ أغسطس 2005، وكان موعد الانتخابات في تشرين الأول/ أكتوبر. لم يكن من السهل أن أدقّ الأبواب. يا لها من حملة! اضطررت إلى الانتقال من الخطابات العامّة إلى التكلّم مع كبار السنّ الّذين عجزوا عن حضور الاحتفالات الانتخابية. وقد استندت إلى الموارد التي زوّدتني بها وزارة الشؤون الجنسانية من خلال التدريب. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: كيف كانت الأوضاع السياسية وقتذاك؟ هل لقيت الدعم من عائلتك وأصدقائك ورفاقك في الحزب؟ هل واجهت الكثير من الصعوبات؟ ألوميزا إنوس- بار: لا شكّ في أنّ زملائي في الحزب دعموني، لكنّني لقيت أيضًا التأييد من أحزاب سياسية أخرى. عندما قدت حملتي الانتخابية، علمت أنّ بعض المواطنين لن يتقبّلوني بسبب انتمائي السياسي، وفكّرت:"أنا امرأة مرشّحة للانتخابات. لقد عقدت عزيمتي على إحداث التغيير. إذا ما ضعفت، سنفشل في تحقيق إنجازات كثيرة نريدها للنساء." عندئذٍ قلت للناخبين:"إنسوا حزبي وانسوا انتمائي السياسي! انسوا كلّ ما تعرفونه عني واعتبروني امرأة تريد أن تحدث التغيير من أجل أطفالنا." حصلت من خلال هذا الخطاب على أصوات كثيرة بالإضافة إلى دعم الأحزاب السياسية الأخرى. لهذا السبب نشجّع النساء على دخول الميدان السياسي في بلدنا وفي البلدان الأخرى. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: هلاّ أخبرتِ القرّاء عن التغيير في السياسات أو المقترحات التشريعية حول الشؤون الجنسانية التي تنوين العمل عليها في خلال ولايتك؟ ألوميزا إنوس- بار: أوّلاً نريد أن نعالج مسألة حصّة الـ30 في المئة. سنصيغ مسودة قانون لنحيلها إلى الكونغرس، ونسعى إلى التماس الدعم من مختلف الأحزاب لاعتماد هذا القانون في خلال هذه الجلسة التشريعية. لقد حظينا بتأييد وزارة الشؤون الجنسانية والتنمية. وآمل أن يمرّر التجمّع النسائي قانون الحصص هذه السنة. لن يكتفي ذاك القانون بحصة 30 في المئة، فنحن نعتبر هذه النسبة شرطًا أساسيًا لتحسين الأوضاع في المستقبل. خلّفت الحرب آثارًا سلبية كثيرة. سعيًا منا إلى تصحيح الأوضاع، عملنا على الارتقاء بمستويات الوعي حيال الشؤون الجنسانية ولجأنا إلى الأحزاب السياسية لمساعدتنا في تحسين الوضع. من الأهداف التي حدّدناها، تشديد العقاب المفروض على مرتكبي جرائم الحرب الوحشيّة، لا سيّما بحق النساء. إن أفلت أولئك المجرمون من العقاب، سيعيد آخرون الكرّة في المستقبل. نعمل بالتعاون مع منظمات نسائية ومجموعات مناصرة وغيرها من الجهات الفاعلة بهدف معالجة هذه المسألة. كما وسوف نطرح قانونًا لمكافحة الفساد، فهو قضيّة تطال المرأة أيضًا إذ تنعكس على جميع أوجه الحياة اليومية. لقد راكمت النساء خبرات طويلة في مجال إدارة الأموال. فعندما يحصلن على القروض المصغّرة، يسدّدن الديون المتوجبة عليهنّ. لهذا السبب، نعتقد أنّنا قادرات على المساهمة في تقدّم بلادنا. كانت النساء في ليبيريا يعملن قبل أن يشغلن المناصب الحكومية. لقد مات أزواجنا وأطفالنا، والآن وقد دخلنا المعترك السياسي، سنبقى في صلب النظام لوقت طويل. كان الألم بالنسبة إلينا بمثابة قوّة دفعتنا إلى المشاركة في السياسة. كلّنا أهل سياسة، وهذا هو تاريخ ليبيريا. رئيستنا هي أوّل امرأة تترأس دولة أفريقية، وعلينا أن نبذل ما في وسعنا لضمان نجاحها ولتشجيع النساء الأفريقيات. في قارّتنا قول شائع، "عندما تمتلئ بطون الرجال، تأتي النساء لتنظيف الصحون". بما أنّ الرجال انصرفوا إلى الحرب، أتاحوا لنا ما يكفي من الوقت لتنظيف بيوتنا وبلادنا. وها نحن الآن نتمتّع بالنفاذ إلى المياه النظيفة والأدوية والمزيد من المدارس. لذا لا بدّ من أن نحرص على التحاق فتياتنا بالمدارس. في النهاية أنا شاكرة جدًّا لكلّ الفرص الّتي سُنِحَت لنا. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: ما هي التحدّيات التي تواجهينها كامرأة في منصب قيادي في دولة لطالما حكمها الرجال؟ وما هو بالنسبة إلى النساء مدى أهمّية انتخاب السيدة "جونسون سيرليف" رئيسةً لليبيريا، وهي أوّل امرأة أفريقية تشغل هذا المنصب؟ ما هي الاستراتيجيات المعتمدة لإشراك الرجل في مسارات التغيير هذه بغية تعزيز المساواة بين الجنسين؟ ألوميزا إنوس- بار ما زلنا نواجه العقبات والتعدّيات الصادرة عن الزملاء الرجال. فقد احتكر الرجال السلطة لأكثر من خمسين عامًا، وليس من السهل عليهم أن يتشاطروا نفوذهم معنا، فيما يُعتَبَر تشاطر السلطة أمرًا ضروريًا. من الإيجابي جدًّا أن بلادنا تتمتّع بأوّل رئيسة دولة في إفريقيا، فذلك يشجّع النساء على الالتحاق بالمدارس والمشاركة في المنظمات والحياة السياسية. تفكّر نساء كثيرات : "إن أصبحت هي رئيسةً، فأنا أيضًا قادرة على ذلك". سيدفعهنّ طموحهنّ في أن يصبحن رئيسات إلى ارتياد المدرسة. وإن لم يصلن إلى الرئاسة، قد يصبحن وزيرات أو أعضاء في البرلمان، لكن بأي حال سيزداد مستوى العلم في مجتمعنا نتيجة لذلك. وقد تمّ تشكيل التجمّع النسائي لدعم هذا المسار، ولتحقيق حلم رئيستنا وحلم أطفالنا بمستقبل يراعي الشؤون الجنسانية. نحن نعمل بالتعاون مع الرجال إذ لا يمكن أن نتجاهلهم. نحاول بقدر الإمكان أن نعاملهم بإنصاف. لكنّ نفوذهم طائل ولا يرتاحون لفكرة تقاسم سلطتهم معنا. كوننا أقلّية، لن نضيّع أي إمكانية في يدنا. نحاول أن نصيغ القوانين معهم وأن نرتقي بها. فنحن لم نصل إلى السلطة لنقلّل من شأن الرجال، فالمساواة بين الجنسين لا تقتصر على المرأة فحسب، بل تعني الرجل والمرأة على حدّ سواء. لعلّ التفاوض هو الاستراتيجية المثلى. ولا بدّ من إشراك الرجال وتعليمهم. فعندما نتكلّم على وزارة الشؤون الجنسانية، لا نعني معاداة الرجال أو الانتقاص من سلطتهم. بل نعني المساواة ولا شكّ في أنّ نظام الحصص هو خطوة بذاك الاتّجاه. نسعى إلى تشجيع النساء على المشاركة في مجالات أكثر من الحياة الاجتماعية، نحثّهنّ على أن يشغلن منصب حاكم المدينة، على أن يشاركن في الانتخابات وفي المجالس المحلّية والهيئات المماثلة. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: ما هي توقّعاتك بالنسبة إلى "الندوة الدولية لتمكين المرأة وتنمية القيادة والسلام والأمن الدوليين"، بمبادرة من الرئيستين الليبيرية والفنلندية؟ ألوميزا إنوس- بار: آمل قبل كلّ شيء أن تؤدي الندوة إلى اعتماد استراتيجية للعمل مع الرجال ومساعدتهم على فهم حقوق المرأة والاعتراف بأنّ المرأة لا تشكّل تهديدًا لهم، بل تزداد قوّتهم إن تعاونوا معها. نحتاج إلى استراتيجيات، لا على المستوى الحكومي فحسب، بل أيضًا في القرى والبلدات وحتّى في المنزل. لا بدّ لنا من توطيد علاقاتنا وتعزيز شبكاتنا. من المهم أن نحظى بدعم الآخرين، وأن نعلم أنّ نساء أخريات يهتممن لأمرنا. لا يمكن تأجيل استراتيجيتنا الخاصة بالمرأة، فالمسألة تتعلّق بالتمكين. أحيانًا تراودنا أفكار رائعة، لكنّنا لا نجرؤ على المجاهرة بها. عندما نعلم أنّ نساء أخريات يعبّرن عن رأيهنّ بدون خوف، نتشجّع على القيام بالمثل. يساهم الاجتماع مع أصدقائنا حول العالم في إعطائنا الفرصة للتعبير عن مخاوفنا وقصورنا وإيجاد الحلول المناسبة. أنا متفائلة جدًّا حيال منافع هذه الندوة. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: هل من نصيحة أو توصيات توجهينها للنساء الشابات اللواتي يشغلن مناصب قيادية في ليبيريا وفي بلدان أخرى؟ ألوميزا إنوس- بار: أودّ أن أقول لهنّ: إن أردتنّ خوض المعترك السياسي، إفعلنَ ذلك بحزم، كما من المفترض أن يفعل الرجل. حتّى ولو كنتِ امرأة لا تلعبي دور المرأة التقليدي في السياسة. لا شكّ في أنّها مهمّة صعبة. فلا بدّ للمرأة من أن تركّز على هدفها وأن تشدّ عزيمتها، كي تكون قدوةً للآخرين فتحذو حذوها الفتيات والشابات. عليها أن تتحلّى بالشفافية لمكافحة الفساد. يجب أن نعمل بجهد لأنّ معظم الرجال يقفون لنا بالمرصاد بانتظار أن نفشل. علينا أن نتبادل الدعم كي نتخطّى الشروخ الحزبية. فإن نجاح إحدانا هو نجاحٌ لنا جميعًا وللنساء في كلّ أنحاء إفريقيا. أمّا فشل هذا المسار في بلد مثل ليبيريا فيشكّل وصمة عار للمرأة لا في ليبيريا فحسب بل في أفريقيا بأسرها. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: ما هو دور التشبيك في إيصال صوت المرأة وتعزيز دورها على مختلف مستويات الحكم؟ هل تعتبرين شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة قناة مهمّة لمساعدة النساء السياسات في تحقيق أهدافهنّ؟ ألوميزا إنوس- بار: إن التشبيك بالغ الأهمية، وهو أداة ضرورية لتمكين المرأة. لقد لجأت إلى الشبكات لجمع النصائح من مختلف المصادر عندما احتجت إلى حلّ مشكلةٍ ما. عندما أواجه مشكلة، أستطيع أن أتصل بزملائي قائلةً: "عندي هذه المشكلة في مقاطعتي. ماذا أفعل برأيكم؟"عندئذٍ يخبرونني كيف عالجوا المشاكل المماثلة. يساهم التشبيك في تبادل المساعدة لا سيّما لأنّ تمكين المرأة موضوع جديد لا سيّما في إفريقيا. أحتاج إلى حماية زميلاتي حول العالم لأحمي نفسي. وأتعهّد بحمايتهنّ، فهذا هو المغزى من التشبيك، وهكذا تعتني إحدانا بالأخرى.
ألوميزا إنوس- بار: تُعَدّ هذه الحكومة تاريخيةً في ليبيريا لأنّها المرّة الأولى التي يبلغ فيها عدد النساء البرلمانيات هذا الحدّ. يضمّ مجلس النواب تسع نساء (من أصل 64 نائب) وخمس نساء (من أصل 30) في مجلس الشيوخ. يبلغ عددنا 14 امرأة، ومعظم النساء مبتدئات في المجال السياسي وما زلن في طور التعلّم. هذه المرّة الأولى التي نشكل فيها تجمّعًا وعضويتنا لا تستند إلى أساس حزبي، فنحن ننتمي إلى أحزاب مختلفة. ما إن يتم تشكيل التجمّع لا بدّ من تحديد مهمّتنا وأهدافنا. استمدّينا الإلهام من تجربة رواندا، وهي ثمرة جهود جمّة بذلتها مشرّعات أفريقيات. نسعى إلى زيادة نفوذنا في البرلمان والمجتمع لذا نحاول الانطلاق من تجربة الدول الأخرى. ما زلنا يافعات في السياسة من حيث المقترحات والمأسسة.شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: هلاّ أخبرتِ القرّاء كيف أثارت السياسة اهتمامك بعد مرور مرحلة بالغة العنف في تاريخ بلادك؟ ألوميزا إنوس- بار: طلب منّي السفير "جورج ويه"، وهو قائدٌ في كونغرس التغيير الديمقراطي، أن أنضم إلى صفوف تجمّعه. فأصبحت عضوًا في كونغرس التغيير الديمقراطي، وهكذا خضت المعترك السياسي. يتركّز عملي في الرابطة النسائية. عندما حان وقت الانتخابات، شجّع وزير الشؤون الجنسانية ومنظمة الأمم المتّحدة النساء على إدراج أسمائهن للترشح. أساسًا، لم تطبّق الأحزاب نسبة الـ30 في المئة الإلزامية لإشراك النساء. لذا اضطرّ الجميع إلى العودة إلى نقطة الصفر ليطلبوا من النساء الترشح. عندئذٍ طُلِب مني أن أمثّل حزبي. كنت امرأة إفريقية تقليدية تربّيت على فكرة أنّ السياسة حكرٌ على الرجال، ورفضت الترشّح. لكن في نهاية المطاف، ترشّحت من أجل حزبي، إذ اعتقدت أن بقائي خارج الميدان السياسي غير عادل. لذا قبلت وقرّرت أن أترشّح للانتخابات. بالنسبة لي وبالنسبة إلى كلّ المرشّحات، تكمن المشكلة الأساسية في أنّنا لم نعتد دخول الميدان السياسي ولا احتلال مناصب السلطة. ولا بدّ لنا من إيجاد الموارد اللازمة بما فيها المال. قدّمت وزارة الشؤون الجنسانية بالتعاون مع صندوق الأمم المتّحدة الإنمائي للمرأة (UNIFEM) برامج تدريب خاصة لبناء المهارات. بالنسبة إلى معظم المرشّحات، كانت تلك التجربة الأولى في السياسة. لم نعرف كيفية قيادة الحملات الانتخابية، ولا كيفية التعبير عن رأينا. لم نعرف حتّى كيفية تشكيل منصّة. لذا، اضطررت إلى التواصل مع مجموعات كثيرة، فأنا أمثّل إحدى أكبر الدوائر الانتخابية في البلاد. كان علي أن أتكلم مع أشخاص يتحدّرون من خلفيات ومجموعات إثنية مختلفة، ومستويات التعليم متفاوتة بينهم. اقترحت وزارة الشؤون الجنسانية أن تساعدنا في تطوير قدرتنا على الترشّح للانتخابات. بدأت العملية في شهر آب/ أغسطس 2005، وكان موعد الانتخابات في تشرين الأول/ أكتوبر. لم يكن من السهل أن أدقّ الأبواب. يا لها من حملة! اضطررت إلى الانتقال من الخطابات العامّة إلى التكلّم مع كبار السنّ الّذين عجزوا عن حضور الاحتفالات الانتخابية. وقد استندت إلى الموارد التي زوّدتني بها وزارة الشؤون الجنسانية من خلال التدريب. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: كيف كانت الأوضاع السياسية وقتذاك؟ هل لقيت الدعم من عائلتك وأصدقائك ورفاقك في الحزب؟ هل واجهت الكثير من الصعوبات؟ ألوميزا إنوس- بار: لا شكّ في أنّ زملائي في الحزب دعموني، لكنّني لقيت أيضًا التأييد من أحزاب سياسية أخرى. عندما قدت حملتي الانتخابية، علمت أنّ بعض المواطنين لن يتقبّلوني بسبب انتمائي السياسي، وفكّرت:"أنا امرأة مرشّحة للانتخابات. لقد عقدت عزيمتي على إحداث التغيير. إذا ما ضعفت، سنفشل في تحقيق إنجازات كثيرة نريدها للنساء." عندئذٍ قلت للناخبين:"إنسوا حزبي وانسوا انتمائي السياسي! انسوا كلّ ما تعرفونه عني واعتبروني امرأة تريد أن تحدث التغيير من أجل أطفالنا." حصلت من خلال هذا الخطاب على أصوات كثيرة بالإضافة إلى دعم الأحزاب السياسية الأخرى. لهذا السبب نشجّع النساء على دخول الميدان السياسي في بلدنا وفي البلدان الأخرى. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: هلاّ أخبرتِ القرّاء عن التغيير في السياسات أو المقترحات التشريعية حول الشؤون الجنسانية التي تنوين العمل عليها في خلال ولايتك؟ ألوميزا إنوس- بار: أوّلاً نريد أن نعالج مسألة حصّة الـ30 في المئة. سنصيغ مسودة قانون لنحيلها إلى الكونغرس، ونسعى إلى التماس الدعم من مختلف الأحزاب لاعتماد هذا القانون في خلال هذه الجلسة التشريعية. لقد حظينا بتأييد وزارة الشؤون الجنسانية والتنمية. وآمل أن يمرّر التجمّع النسائي قانون الحصص هذه السنة. لن يكتفي ذاك القانون بحصة 30 في المئة، فنحن نعتبر هذه النسبة شرطًا أساسيًا لتحسين الأوضاع في المستقبل. خلّفت الحرب آثارًا سلبية كثيرة. سعيًا منا إلى تصحيح الأوضاع، عملنا على الارتقاء بمستويات الوعي حيال الشؤون الجنسانية ولجأنا إلى الأحزاب السياسية لمساعدتنا في تحسين الوضع. من الأهداف التي حدّدناها، تشديد العقاب المفروض على مرتكبي جرائم الحرب الوحشيّة، لا سيّما بحق النساء. إن أفلت أولئك المجرمون من العقاب، سيعيد آخرون الكرّة في المستقبل. نعمل بالتعاون مع منظمات نسائية ومجموعات مناصرة وغيرها من الجهات الفاعلة بهدف معالجة هذه المسألة. كما وسوف نطرح قانونًا لمكافحة الفساد، فهو قضيّة تطال المرأة أيضًا إذ تنعكس على جميع أوجه الحياة اليومية. لقد راكمت النساء خبرات طويلة في مجال إدارة الأموال. فعندما يحصلن على القروض المصغّرة، يسدّدن الديون المتوجبة عليهنّ. لهذا السبب، نعتقد أنّنا قادرات على المساهمة في تقدّم بلادنا. كانت النساء في ليبيريا يعملن قبل أن يشغلن المناصب الحكومية. لقد مات أزواجنا وأطفالنا، والآن وقد دخلنا المعترك السياسي، سنبقى في صلب النظام لوقت طويل. كان الألم بالنسبة إلينا بمثابة قوّة دفعتنا إلى المشاركة في السياسة. كلّنا أهل سياسة، وهذا هو تاريخ ليبيريا. رئيستنا هي أوّل امرأة تترأس دولة أفريقية، وعلينا أن نبذل ما في وسعنا لضمان نجاحها ولتشجيع النساء الأفريقيات. في قارّتنا قول شائع، "عندما تمتلئ بطون الرجال، تأتي النساء لتنظيف الصحون". بما أنّ الرجال انصرفوا إلى الحرب، أتاحوا لنا ما يكفي من الوقت لتنظيف بيوتنا وبلادنا. وها نحن الآن نتمتّع بالنفاذ إلى المياه النظيفة والأدوية والمزيد من المدارس. لذا لا بدّ من أن نحرص على التحاق فتياتنا بالمدارس. في النهاية أنا شاكرة جدًّا لكلّ الفرص الّتي سُنِحَت لنا. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: ما هي التحدّيات التي تواجهينها كامرأة في منصب قيادي في دولة لطالما حكمها الرجال؟ وما هو بالنسبة إلى النساء مدى أهمّية انتخاب السيدة "جونسون سيرليف" رئيسةً لليبيريا، وهي أوّل امرأة أفريقية تشغل هذا المنصب؟ ما هي الاستراتيجيات المعتمدة لإشراك الرجل في مسارات التغيير هذه بغية تعزيز المساواة بين الجنسين؟ ألوميزا إنوس- بار ما زلنا نواجه العقبات والتعدّيات الصادرة عن الزملاء الرجال. فقد احتكر الرجال السلطة لأكثر من خمسين عامًا، وليس من السهل عليهم أن يتشاطروا نفوذهم معنا، فيما يُعتَبَر تشاطر السلطة أمرًا ضروريًا. من الإيجابي جدًّا أن بلادنا تتمتّع بأوّل رئيسة دولة في إفريقيا، فذلك يشجّع النساء على الالتحاق بالمدارس والمشاركة في المنظمات والحياة السياسية. تفكّر نساء كثيرات : "إن أصبحت هي رئيسةً، فأنا أيضًا قادرة على ذلك". سيدفعهنّ طموحهنّ في أن يصبحن رئيسات إلى ارتياد المدرسة. وإن لم يصلن إلى الرئاسة، قد يصبحن وزيرات أو أعضاء في البرلمان، لكن بأي حال سيزداد مستوى العلم في مجتمعنا نتيجة لذلك. وقد تمّ تشكيل التجمّع النسائي لدعم هذا المسار، ولتحقيق حلم رئيستنا وحلم أطفالنا بمستقبل يراعي الشؤون الجنسانية. نحن نعمل بالتعاون مع الرجال إذ لا يمكن أن نتجاهلهم. نحاول بقدر الإمكان أن نعاملهم بإنصاف. لكنّ نفوذهم طائل ولا يرتاحون لفكرة تقاسم سلطتهم معنا. كوننا أقلّية، لن نضيّع أي إمكانية في يدنا. نحاول أن نصيغ القوانين معهم وأن نرتقي بها. فنحن لم نصل إلى السلطة لنقلّل من شأن الرجال، فالمساواة بين الجنسين لا تقتصر على المرأة فحسب، بل تعني الرجل والمرأة على حدّ سواء. لعلّ التفاوض هو الاستراتيجية المثلى. ولا بدّ من إشراك الرجال وتعليمهم. فعندما نتكلّم على وزارة الشؤون الجنسانية، لا نعني معاداة الرجال أو الانتقاص من سلطتهم. بل نعني المساواة ولا شكّ في أنّ نظام الحصص هو خطوة بذاك الاتّجاه. نسعى إلى تشجيع النساء على المشاركة في مجالات أكثر من الحياة الاجتماعية، نحثّهنّ على أن يشغلن منصب حاكم المدينة، على أن يشاركن في الانتخابات وفي المجالس المحلّية والهيئات المماثلة. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: ما هي توقّعاتك بالنسبة إلى "الندوة الدولية لتمكين المرأة وتنمية القيادة والسلام والأمن الدوليين"، بمبادرة من الرئيستين الليبيرية والفنلندية؟ ألوميزا إنوس- بار: آمل قبل كلّ شيء أن تؤدي الندوة إلى اعتماد استراتيجية للعمل مع الرجال ومساعدتهم على فهم حقوق المرأة والاعتراف بأنّ المرأة لا تشكّل تهديدًا لهم، بل تزداد قوّتهم إن تعاونوا معها. نحتاج إلى استراتيجيات، لا على المستوى الحكومي فحسب، بل أيضًا في القرى والبلدات وحتّى في المنزل. لا بدّ لنا من توطيد علاقاتنا وتعزيز شبكاتنا. من المهم أن نحظى بدعم الآخرين، وأن نعلم أنّ نساء أخريات يهتممن لأمرنا. لا يمكن تأجيل استراتيجيتنا الخاصة بالمرأة، فالمسألة تتعلّق بالتمكين. أحيانًا تراودنا أفكار رائعة، لكنّنا لا نجرؤ على المجاهرة بها. عندما نعلم أنّ نساء أخريات يعبّرن عن رأيهنّ بدون خوف، نتشجّع على القيام بالمثل. يساهم الاجتماع مع أصدقائنا حول العالم في إعطائنا الفرصة للتعبير عن مخاوفنا وقصورنا وإيجاد الحلول المناسبة. أنا متفائلة جدًّا حيال منافع هذه الندوة. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: هل من نصيحة أو توصيات توجهينها للنساء الشابات اللواتي يشغلن مناصب قيادية في ليبيريا وفي بلدان أخرى؟ ألوميزا إنوس- بار: أودّ أن أقول لهنّ: إن أردتنّ خوض المعترك السياسي، إفعلنَ ذلك بحزم، كما من المفترض أن يفعل الرجل. حتّى ولو كنتِ امرأة لا تلعبي دور المرأة التقليدي في السياسة. لا شكّ في أنّها مهمّة صعبة. فلا بدّ للمرأة من أن تركّز على هدفها وأن تشدّ عزيمتها، كي تكون قدوةً للآخرين فتحذو حذوها الفتيات والشابات. عليها أن تتحلّى بالشفافية لمكافحة الفساد. يجب أن نعمل بجهد لأنّ معظم الرجال يقفون لنا بالمرصاد بانتظار أن نفشل. علينا أن نتبادل الدعم كي نتخطّى الشروخ الحزبية. فإن نجاح إحدانا هو نجاحٌ لنا جميعًا وللنساء في كلّ أنحاء إفريقيا. أمّا فشل هذا المسار في بلد مثل ليبيريا فيشكّل وصمة عار للمرأة لا في ليبيريا فحسب بل في أفريقيا بأسرها. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: ما هو دور التشبيك في إيصال صوت المرأة وتعزيز دورها على مختلف مستويات الحكم؟ هل تعتبرين شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة قناة مهمّة لمساعدة النساء السياسات في تحقيق أهدافهنّ؟ ألوميزا إنوس- بار: إن التشبيك بالغ الأهمية، وهو أداة ضرورية لتمكين المرأة. لقد لجأت إلى الشبكات لجمع النصائح من مختلف المصادر عندما احتجت إلى حلّ مشكلةٍ ما. عندما أواجه مشكلة، أستطيع أن أتصل بزملائي قائلةً: "عندي هذه المشكلة في مقاطعتي. ماذا أفعل برأيكم؟"عندئذٍ يخبرونني كيف عالجوا المشاكل المماثلة. يساهم التشبيك في تبادل المساعدة لا سيّما لأنّ تمكين المرأة موضوع جديد لا سيّما في إفريقيا. أحتاج إلى حماية زميلاتي حول العالم لأحمي نفسي. وأتعهّد بحمايتهنّ، فهذا هو المغزى من التشبيك، وهكذا تعتني إحدانا بالأخرى.
Date of Interview
Region
نائب في البرلمان في ليبيريا ورئيسة التجمّع النسائي البرلماني