تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

إليزابيث سالغيرو

مقابلات

Submitted by iKNOW Politics on
Back
December 15, 2009

إليزابيث سالغيرو

نائب في الكونغرس البوليفي ورئيسة لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب البوليفي

"... نواجه تحديًا لا يقتصر على بوليفيا بل يطال كل المنطقة، وهو أن نتمكّن كمناصرات النسائية منذ وقت طويل أن نمرر الشعلة إلى النساء الشابات وأن نعمل معهن لنعزّز قيادتهن. علينا أن نفسح المجال أمام الأجيال الجديدة وإنه لتحدٍ كبير. لذا يجب أن نولي أهمية خاصة للنساء الشابات أولاً وبعدها نولي أهمية لنفسنا. "

المتن: 
شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: بدايةً، حضرة السيّدة إليزابيث سالغيرو، كيف دخلتِ المعترك السياسي؟ هلاّ أعطيتنا موجزًا عن مسيرتك السياسية؟ كيف أثّر كونك امرأة على مسيرتك؟ 
إليزابيث سالغيرو: 
حزتُ شهادةً في التواصل الإجتماعي ودرجة ماجستير في التخطيط الإقليمي. دخلتُ المعترك السياسي في سنة 1990 تقريبًا، حاملةً شعلة الدفاع عن حقوق المرأة وبشكلٍ خاص المرأة من السكان الأصليين. عملتُ في البداية مع المنظمات النسائية في منصب المنسقة الوطنية البوليفية في المؤتمر العالمي الرابع المعني بالمرأة في بيجينغ سنة 1995. كانت خبرةً مُرضية جدًا، إذ للمرّة الأولى إجتمعت النساء ورحن يفكّرن معًا بالمواضيع المطروحة في منهاج عمل بيجينغ. في بوليفيا، كانت المرّة الأولى التي تحظى فيها جهود النساء من السكان الأصليين ومن أهل البلد والنساء الريفيات بالتقدير والإعتراف. عقدت منظمات السكان الأصليين والنساء الريفيات والمنظمات المحلية سلسلةً من اللقاءات وورش العمل وُضع إثرها التقرير الوطني. عندها أدركنا أنه علينا أن نواجه تحدي تعميم الإحترام ما بين الثقافات في عملنا إضافةً إلى مكافحة العنف والتمييز. بعد ذلك، شغلتُ منصب المنسق الوطني للمنظمة النسائية البوليفية للمساواة والإنصاف (AMUPEI)، وهي الهيئة التي تم تأسيسها لمتابعة مؤتمر بيجينغ، وحوّلناها إلى منصة عمل للتأثير على السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، بهدف تطبيق خطة العمل العالمية للمرأة. عدتُ بعدها إلى العمل ضمن الشركات الإعلامية ووكالات التعاون الدولي، كما كنتُ مستشارة حول شؤون المرأة. في العام 2005، كان من دواعي شرفي وخير اعتراف بقدراتي أن يُطلب مني أن أكون نائب عن مرشح على قائمة الحركة نحو الإشتراكية (MAS)، وهي حزب الرئيس البوليفي الحالي "إيفو موراليس". وكان الترشيح هذا التحدي التي كانت تسعى إليه المنظمات النسائية على المستويين الشخصي والجماعي، فلن نضطر بعدها إلى محاولة التأثير على الساحة السياسية من الخارج بل سنكافح من أجل حقوق المرأة من داخل السياسة. كانت بالفعل مفاجأةً سارّة، ولم يكن إنجازًا شخصيًا بل جماعيًا. لقد دخلت البرلمان الوطني بفضل دعم الحركات النسائية. في البرلمان، شاركتُ في لجنة العلاقات الدولية، وبعدها تم تعييني رئيسة الإتحاد البرلماني البوليفي. كما شغلت منصب نائب رئيس اللجنة السياسية الإجتماعية وأترأس حاليًا لجنة حقوق الإنسان. صحيحٌ أن مجال حقوق المرأة قد شهد تقّدمًا لافتًا حول العالم وفي بوليفيا، لكن لا يمكننا أن ننكر أنه ما زال من الصعب أن تمارس المرأة حقوقها في الحياة اليومية. في بوليفيا اليوم، وضع إطار قانوني متقدّم جدًا، بخاصة مع الدستور السياسي البوليفي الجديد (2009)، لكن المجتمع الذكوري والأبوي يعيقه ويعرقله. يصعب علينا كنساء أن نصل إلى مناصب السلطة الفعلية، وأن نحظى بالإعتراف كقائدات، وأن نحصل على الفرص المتساوية لندخل بعض المناصب في السلطة. على سبيل المثال، أنا المرأة الوحيدة في الدورة البرلمانية الحالية التي تترأس لجنةً برلمانية. كان التقدير الذي حصدناه حتى يومنا هذا ثمرة جهودنا الحثيثة ضمن الهيكليات هذه والدعم النسائي النافذ. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: حققت الحركة نحو الإشتراكية الإنتصارات المتتالية في الإنتخابات، وحصدت مؤخرًا أكثر من 60% من الأصوات. ما الدور الذي إضطلعت به القيادة السياسية النسائية في صعود نجم الحركة بهذه السرعة؟ إليزابيث سالغيرو: منذ البداية، كان لمشاركة إتحاد النساء الريفيات من بوليفيا "بارتولينا سيسا" (Bartolina Sisa) أهميةً بالغة. إن الإتحاد هذا هو أحد الحركات الإجتماعية التي تشكل جزءًا من "الحركة نحو الإشتراكية"، ويعرّف عن نفسه على أنه "الأداة السياسية" لهذه الحركات. تجلّت مشاركة النساء من السكان الأصليين ومن أهل البلد والنساء الريفيات في حركات عدّة. على سبيل المثال، ترأست "سيلفيا لازارتيه" الجمعية التأسيسية، وتشغل "ليونيلدا زوريتا" منصب عضو في الإدارة الوطنية للحركة نحو الإشتراكية، و"نيميسيا أشاكولو" و"سابينا أوريلانا" المناصب النيابية في البرلمان، وتولّت نساء أخريات من السكان الأصليين على غرار "سيلينا توريكو" و"كاسيميرا روريغيز" و"سيليندا سوسا" حقائب وزارية. ضمّت الحكومات على مرّ السنين عددًا من النساء، لكن لسوء الحظ لا تضم الحكومة الحالية إلا وزيرتين. ونأمل أن نتمكن من التقدّم نحو تحقيق المساواة بفضل الدستور الجديد. تضم اليوم إدراة الرئيس "إيفو موراليس" على مختلف المستويات عددًا من النساء من السكان الأصليين ومن أهل البلد والنساء الريفيات، إلا أن المشاركة ما زالت متدنية. لم تتجلى مشاركة المرأة حديثًا في الحركة نحو الإشتراكية بل هي قديمة وباتت اليوم تتطور أكثر فأكثر. كانت "ريميديوس لوزا" أول نائب في البرلمان البوليفي من السكان الأصليين، وهي امرأة من العاصمة "لا باز" كانت ترتدي الزي التقليدي للسكان الأصليين وكانت تنتمي إلى حزب الضمير (CONDEPA). ما زال الطريق طويلاً أمامنا، إلا أنه لا بدّ من أن ندرك أن في المجتمع البوليفي أفرادٌ يقدّمون كل الدعم والإلتزام بالإرتقاء بحقوق المرأة، على الرغم من النظرة الذكورية السائدة في الأحزاب السياسية ومختلف فئات المجتمع البوليفي، فيفتحون الأبواب أمامنا ويدعموننا في الترويج لقضايانا وبلوغ مناصب السلطة. إلا أنه علينا أن نبذل ضعف المجهود الذي يبذله الرجال لا بل أكثر لبلوغ الأهداف نفسها. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: برأيكِ، ما الذي يضيفه الدستور الجديد بشكلٍ أساسي على مشاركة المرأة في السياسة؟ إليزابيث سالغيرو: بدايةً، يستخدم الدستور الجديد لغةً لا تحمل في طيّاتها ذهنية التمييز الجنسي. كما يراعي الدستور حقوق المرأة مراعاةً كاملة في فصوله كافةً. فما من "نظام خاص" بالمرأة بل يركّز الدستور على فكرة شمل كافة أعضاء المجتمع في المسائل كلّها. في ما يخص مشاركة المرأة في السياسة، تنص المادة 11 من الدستور على أن بوليفيا تعتمد حكمًا ديمقراطيًا تشاركيًا تمثيليًا يوفر المساواة في الشروط أمام الرجل والمرأة. وعلينا في الإنتخابات التالية التي ستعقد في كانون الأول/ديسمبر 2009، أن نواجه التحدي الأكبر وهو أن نحترم ما تنص عليه المادة، إضافة إلى المادة 147 التي تنص على أنه يجب أن تضمن انتخابات أعضاء الجمعية المساواة في المشاركة أمام الرجل والمرأة. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة:حققت التجمعات النسائية البرلمانية نجاحًا باهرًا في بلدان عدّة. في بوليفيا، ما دور الإتحاد النسائي البرلماني (UMPABOL) وكيف يعمل حاليًا؟ إليزابيث سالغيرو: أود أن أقوم بالنقد الذاتي للإجابة على السؤال هذا. كان هذا الإتحاد ليكون مساحةًَ مؤاتية لنعالج شؤون المرأة إلى جانب مختلف الأحزاب السياسية، فنتخطى فروقاتنا ونطرح المطالب المشتركة. إلاّ أننا لم نتمكّن من القيام بذلك لسوء الحظ. لقد تلاشت قوة الإتحاد النسائي البرلماني على مرّ الوقت، ولم يكن تأثيره على البرلمان الوطني إلاّ محدودًا. أعتقد أن ما نفتقر إليه في الإتحاد هو الروح القيادية، ما حال دون تحقيق الوحدة الضرورية لتخطي فروقاتنا والعمل معًا من أجل قضية المرأة. ولم تعترف النساء من مختلف الأحزاب السياسية بهذه المساحة المشتركة. لكن لا بدّ من أن أذكر أن بعض فئات المجتمع المدني قد أنشأت على سبيل المثال لجنة للترويج لأجندة النساء التشريعية. لقد نظّمت هذه اللجنة كافة القوانين التي قدمتها النساء، وحددت القوانين قيد الصياغة، وتعمل حاليًا كهيئة تنسيق تحرص على قابلية حياة هذه القوانين. ويعتمد عملها على تحالفٍ متين بين النساء البرلمانيات والمنظمات النسائية. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: ما النصيحة التي تسدينها إلى الشابات المنخرطات أو يرغبن بالإنخراط في المعترك السياسي، لكن يشعرن بأنّ هذا العالم بعيد المنال؟ إليزابيث سالغيرو: أعتقد أن للوضع هذا إيجابيات وسلبيات. فالدستور الجديد في بوليفيا قد أتاح الفرصة أمام النساء والرجال على حدٍ سواء للمشاركة في البرلمان في الجمعية التشريعية الوطنية منذ سن الثامنة عشر. من المهم أن يغتنم الشباب هذه الفرصة ويعززوا روحهم القيادية ليترشحوا ويصبحوا من أعضاء البرلمان. لكن من جهةٍ أخرى، نواجه تحديًا لا يقتصر على بوليفيا بل يطال كل المنطقة، وهو أن نتمكّن كمناصرات النسائية منذ وقت طويل أن نمرر الشعلة إلى النساء الشابات وأن نعمل معهن لنعزّز قيادتهن. علينا أن نفسح المجال أمام الأجيال الجديدة وإنه لتحدٍ كبير. لذا يجب أن نولي أهمية خاصة للنساء الشابات أولاً وبعدها نولي أهمية لنفسنا. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: ما أهمّية الشبكات في مسيرتك السياسية؟ وهل تؤدي دورًا أساسيًا في تعزيز مشاركة المرأة وتولّيها المناصب القيادية في السياسة؟ إليزابيث سالغيرو: لا شك في أن الشبكات أساسية، فهي مساحة لتبادل الخبرات وتترك أثرًا هامًا على المستوى الإقليمي وتعطي للكفاح المحلي أبعادًا جديدة. في الشبكات، نتعلم من النساء الأخريات ونزداد قوةً ونفوذًا بوجودهن وتجاربهن. فالشبكات أساسية ليس لتبادل التجارب فحسب، بل أيضًا لتبادل الوثائق والأفكار والمشاريع التي تعزز عملنا على المستوى المحلي. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: سؤال أخير قبل اختتام المقابلة: كيف تودّين أن يذكرك الرأي العام؟ ما أهم إنجازاتك في مجال تقدّم المرأة في بوليفيا؟ إليزابيث سالغيرو: أعتقد أن الأهم إعادة التأكيد على إنجازات الدستور الجديد من خلال عمل النساء معًا يدًا بيد. فالعمل الجماعي هذا أساسي وبالغ الأهمية ولا بد من تعزيزه. فالصراعات لا تعني الأشخاص فحسب والنتائج لا تتجلى إلا بعد العمل الجماعي. وأكرر أنه من المهم جدًا الإعتراف بقيادة المرأة، إلا أن العمل يعتمد على حصولها على الدعم الجماعي. هذا هو الإرث الذي أود تركه على الساحة السياسية، وهو التغلب على القول الشائع إن المرأة ألدّ أعداء المرأة. ثانيًا، أود أن تطوّر المنظمات النسائية في المجتمع المدني في بوليفيا الرقابة الإجتماعية المشددة وتتوخى الحذر وتدرك وجوب تطبيق الدستور الجديد، فلا يكفي أن يعترف الدستور بحقوقنا بل علينا أن نمارسها ونحميها. أخيرًا، لا يكفي أن نزيد عدد النساء اللواتي يبلغن مناصب السلطة، بل علينا أن نحرص على ضمان نوعية التمثيل النسائي. أعني بذلك أنه يجب أن تكون المرأة مدركة وملمّةً في مجال الجنسانية، وليس في مجال حقوق المرأة فحسب، بل أيضًا حقوق المجموعات الأخرى مثل حقوق الأشخاص المثليين، الذين يحمي الدستور حقوقهم، لكن لا بد من تعزيزها وحمايتها. ما أكثر النساء اللواتي بلغن مناصب السلطة وغابت عن بالهن قضايا النساء! ومن هنا أهمية التطبيق! يجب أن تحرص المنظمات النسائية على أن تمثّل هؤلاء النساء حقًا حقوق النساء الأخريات بعد وصولهن إلى السلطة.
Date of Interview
نائب في الكونغرس البوليفي ورئيسة لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب البوليفي

"... نواجه تحديًا لا يقتصر على بوليفيا بل يطال كل المنطقة، وهو أن نتمكّن كمناصرات النسائية منذ وقت طويل أن نمرر الشعلة إلى النساء الشابات وأن نعمل معهن لنعزّز قيادتهن. علينا أن نفسح المجال أمام الأجيال الجديدة وإنه لتحدٍ كبير. لذا يجب أن نولي أهمية خاصة للنساء الشابات أولاً وبعدها نولي أهمية لنفسنا. "

المتن: 
شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: بدايةً، حضرة السيّدة إليزابيث سالغيرو، كيف دخلتِ المعترك السياسي؟ هلاّ أعطيتنا موجزًا عن مسيرتك السياسية؟ كيف أثّر كونك امرأة على مسيرتك؟ 
إليزابيث سالغيرو: 
حزتُ شهادةً في التواصل الإجتماعي ودرجة ماجستير في التخطيط الإقليمي. دخلتُ المعترك السياسي في سنة 1990 تقريبًا، حاملةً شعلة الدفاع عن حقوق المرأة وبشكلٍ خاص المرأة من السكان الأصليين. عملتُ في البداية مع المنظمات النسائية في منصب المنسقة الوطنية البوليفية في المؤتمر العالمي الرابع المعني بالمرأة في بيجينغ سنة 1995. كانت خبرةً مُرضية جدًا، إذ للمرّة الأولى إجتمعت النساء ورحن يفكّرن معًا بالمواضيع المطروحة في منهاج عمل بيجينغ. في بوليفيا، كانت المرّة الأولى التي تحظى فيها جهود النساء من السكان الأصليين ومن أهل البلد والنساء الريفيات بالتقدير والإعتراف. عقدت منظمات السكان الأصليين والنساء الريفيات والمنظمات المحلية سلسلةً من اللقاءات وورش العمل وُضع إثرها التقرير الوطني. عندها أدركنا أنه علينا أن نواجه تحدي تعميم الإحترام ما بين الثقافات في عملنا إضافةً إلى مكافحة العنف والتمييز. بعد ذلك، شغلتُ منصب المنسق الوطني للمنظمة النسائية البوليفية للمساواة والإنصاف (AMUPEI)، وهي الهيئة التي تم تأسيسها لمتابعة مؤتمر بيجينغ، وحوّلناها إلى منصة عمل للتأثير على السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، بهدف تطبيق خطة العمل العالمية للمرأة. عدتُ بعدها إلى العمل ضمن الشركات الإعلامية ووكالات التعاون الدولي، كما كنتُ مستشارة حول شؤون المرأة. في العام 2005، كان من دواعي شرفي وخير اعتراف بقدراتي أن يُطلب مني أن أكون نائب عن مرشح على قائمة الحركة نحو الإشتراكية (MAS)، وهي حزب الرئيس البوليفي الحالي "إيفو موراليس". وكان الترشيح هذا التحدي التي كانت تسعى إليه المنظمات النسائية على المستويين الشخصي والجماعي، فلن نضطر بعدها إلى محاولة التأثير على الساحة السياسية من الخارج بل سنكافح من أجل حقوق المرأة من داخل السياسة. كانت بالفعل مفاجأةً سارّة، ولم يكن إنجازًا شخصيًا بل جماعيًا. لقد دخلت البرلمان الوطني بفضل دعم الحركات النسائية. في البرلمان، شاركتُ في لجنة العلاقات الدولية، وبعدها تم تعييني رئيسة الإتحاد البرلماني البوليفي. كما شغلت منصب نائب رئيس اللجنة السياسية الإجتماعية وأترأس حاليًا لجنة حقوق الإنسان. صحيحٌ أن مجال حقوق المرأة قد شهد تقّدمًا لافتًا حول العالم وفي بوليفيا، لكن لا يمكننا أن ننكر أنه ما زال من الصعب أن تمارس المرأة حقوقها في الحياة اليومية. في بوليفيا اليوم، وضع إطار قانوني متقدّم جدًا، بخاصة مع الدستور السياسي البوليفي الجديد (2009)، لكن المجتمع الذكوري والأبوي يعيقه ويعرقله. يصعب علينا كنساء أن نصل إلى مناصب السلطة الفعلية، وأن نحظى بالإعتراف كقائدات، وأن نحصل على الفرص المتساوية لندخل بعض المناصب في السلطة. على سبيل المثال، أنا المرأة الوحيدة في الدورة البرلمانية الحالية التي تترأس لجنةً برلمانية. كان التقدير الذي حصدناه حتى يومنا هذا ثمرة جهودنا الحثيثة ضمن الهيكليات هذه والدعم النسائي النافذ. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: حققت الحركة نحو الإشتراكية الإنتصارات المتتالية في الإنتخابات، وحصدت مؤخرًا أكثر من 60% من الأصوات. ما الدور الذي إضطلعت به القيادة السياسية النسائية في صعود نجم الحركة بهذه السرعة؟ إليزابيث سالغيرو: منذ البداية، كان لمشاركة إتحاد النساء الريفيات من بوليفيا "بارتولينا سيسا" (Bartolina Sisa) أهميةً بالغة. إن الإتحاد هذا هو أحد الحركات الإجتماعية التي تشكل جزءًا من "الحركة نحو الإشتراكية"، ويعرّف عن نفسه على أنه "الأداة السياسية" لهذه الحركات. تجلّت مشاركة النساء من السكان الأصليين ومن أهل البلد والنساء الريفيات في حركات عدّة. على سبيل المثال، ترأست "سيلفيا لازارتيه" الجمعية التأسيسية، وتشغل "ليونيلدا زوريتا" منصب عضو في الإدارة الوطنية للحركة نحو الإشتراكية، و"نيميسيا أشاكولو" و"سابينا أوريلانا" المناصب النيابية في البرلمان، وتولّت نساء أخريات من السكان الأصليين على غرار "سيلينا توريكو" و"كاسيميرا روريغيز" و"سيليندا سوسا" حقائب وزارية. ضمّت الحكومات على مرّ السنين عددًا من النساء، لكن لسوء الحظ لا تضم الحكومة الحالية إلا وزيرتين. ونأمل أن نتمكن من التقدّم نحو تحقيق المساواة بفضل الدستور الجديد. تضم اليوم إدراة الرئيس "إيفو موراليس" على مختلف المستويات عددًا من النساء من السكان الأصليين ومن أهل البلد والنساء الريفيات، إلا أن المشاركة ما زالت متدنية. لم تتجلى مشاركة المرأة حديثًا في الحركة نحو الإشتراكية بل هي قديمة وباتت اليوم تتطور أكثر فأكثر. كانت "ريميديوس لوزا" أول نائب في البرلمان البوليفي من السكان الأصليين، وهي امرأة من العاصمة "لا باز" كانت ترتدي الزي التقليدي للسكان الأصليين وكانت تنتمي إلى حزب الضمير (CONDEPA). ما زال الطريق طويلاً أمامنا، إلا أنه لا بدّ من أن ندرك أن في المجتمع البوليفي أفرادٌ يقدّمون كل الدعم والإلتزام بالإرتقاء بحقوق المرأة، على الرغم من النظرة الذكورية السائدة في الأحزاب السياسية ومختلف فئات المجتمع البوليفي، فيفتحون الأبواب أمامنا ويدعموننا في الترويج لقضايانا وبلوغ مناصب السلطة. إلا أنه علينا أن نبذل ضعف المجهود الذي يبذله الرجال لا بل أكثر لبلوغ الأهداف نفسها. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: برأيكِ، ما الذي يضيفه الدستور الجديد بشكلٍ أساسي على مشاركة المرأة في السياسة؟ إليزابيث سالغيرو: بدايةً، يستخدم الدستور الجديد لغةً لا تحمل في طيّاتها ذهنية التمييز الجنسي. كما يراعي الدستور حقوق المرأة مراعاةً كاملة في فصوله كافةً. فما من "نظام خاص" بالمرأة بل يركّز الدستور على فكرة شمل كافة أعضاء المجتمع في المسائل كلّها. في ما يخص مشاركة المرأة في السياسة، تنص المادة 11 من الدستور على أن بوليفيا تعتمد حكمًا ديمقراطيًا تشاركيًا تمثيليًا يوفر المساواة في الشروط أمام الرجل والمرأة. وعلينا في الإنتخابات التالية التي ستعقد في كانون الأول/ديسمبر 2009، أن نواجه التحدي الأكبر وهو أن نحترم ما تنص عليه المادة، إضافة إلى المادة 147 التي تنص على أنه يجب أن تضمن انتخابات أعضاء الجمعية المساواة في المشاركة أمام الرجل والمرأة. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة:حققت التجمعات النسائية البرلمانية نجاحًا باهرًا في بلدان عدّة. في بوليفيا، ما دور الإتحاد النسائي البرلماني (UMPABOL) وكيف يعمل حاليًا؟ إليزابيث سالغيرو: أود أن أقوم بالنقد الذاتي للإجابة على السؤال هذا. كان هذا الإتحاد ليكون مساحةًَ مؤاتية لنعالج شؤون المرأة إلى جانب مختلف الأحزاب السياسية، فنتخطى فروقاتنا ونطرح المطالب المشتركة. إلاّ أننا لم نتمكّن من القيام بذلك لسوء الحظ. لقد تلاشت قوة الإتحاد النسائي البرلماني على مرّ الوقت، ولم يكن تأثيره على البرلمان الوطني إلاّ محدودًا. أعتقد أن ما نفتقر إليه في الإتحاد هو الروح القيادية، ما حال دون تحقيق الوحدة الضرورية لتخطي فروقاتنا والعمل معًا من أجل قضية المرأة. ولم تعترف النساء من مختلف الأحزاب السياسية بهذه المساحة المشتركة. لكن لا بدّ من أن أذكر أن بعض فئات المجتمع المدني قد أنشأت على سبيل المثال لجنة للترويج لأجندة النساء التشريعية. لقد نظّمت هذه اللجنة كافة القوانين التي قدمتها النساء، وحددت القوانين قيد الصياغة، وتعمل حاليًا كهيئة تنسيق تحرص على قابلية حياة هذه القوانين. ويعتمد عملها على تحالفٍ متين بين النساء البرلمانيات والمنظمات النسائية. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: ما النصيحة التي تسدينها إلى الشابات المنخرطات أو يرغبن بالإنخراط في المعترك السياسي، لكن يشعرن بأنّ هذا العالم بعيد المنال؟ إليزابيث سالغيرو: أعتقد أن للوضع هذا إيجابيات وسلبيات. فالدستور الجديد في بوليفيا قد أتاح الفرصة أمام النساء والرجال على حدٍ سواء للمشاركة في البرلمان في الجمعية التشريعية الوطنية منذ سن الثامنة عشر. من المهم أن يغتنم الشباب هذه الفرصة ويعززوا روحهم القيادية ليترشحوا ويصبحوا من أعضاء البرلمان. لكن من جهةٍ أخرى، نواجه تحديًا لا يقتصر على بوليفيا بل يطال كل المنطقة، وهو أن نتمكّن كمناصرات النسائية منذ وقت طويل أن نمرر الشعلة إلى النساء الشابات وأن نعمل معهن لنعزّز قيادتهن. علينا أن نفسح المجال أمام الأجيال الجديدة وإنه لتحدٍ كبير. لذا يجب أن نولي أهمية خاصة للنساء الشابات أولاً وبعدها نولي أهمية لنفسنا. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: ما أهمّية الشبكات في مسيرتك السياسية؟ وهل تؤدي دورًا أساسيًا في تعزيز مشاركة المرأة وتولّيها المناصب القيادية في السياسة؟ إليزابيث سالغيرو: لا شك في أن الشبكات أساسية، فهي مساحة لتبادل الخبرات وتترك أثرًا هامًا على المستوى الإقليمي وتعطي للكفاح المحلي أبعادًا جديدة. في الشبكات، نتعلم من النساء الأخريات ونزداد قوةً ونفوذًا بوجودهن وتجاربهن. فالشبكات أساسية ليس لتبادل التجارب فحسب، بل أيضًا لتبادل الوثائق والأفكار والمشاريع التي تعزز عملنا على المستوى المحلي. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: سؤال أخير قبل اختتام المقابلة: كيف تودّين أن يذكرك الرأي العام؟ ما أهم إنجازاتك في مجال تقدّم المرأة في بوليفيا؟ إليزابيث سالغيرو: أعتقد أن الأهم إعادة التأكيد على إنجازات الدستور الجديد من خلال عمل النساء معًا يدًا بيد. فالعمل الجماعي هذا أساسي وبالغ الأهمية ولا بد من تعزيزه. فالصراعات لا تعني الأشخاص فحسب والنتائج لا تتجلى إلا بعد العمل الجماعي. وأكرر أنه من المهم جدًا الإعتراف بقيادة المرأة، إلا أن العمل يعتمد على حصولها على الدعم الجماعي. هذا هو الإرث الذي أود تركه على الساحة السياسية، وهو التغلب على القول الشائع إن المرأة ألدّ أعداء المرأة. ثانيًا، أود أن تطوّر المنظمات النسائية في المجتمع المدني في بوليفيا الرقابة الإجتماعية المشددة وتتوخى الحذر وتدرك وجوب تطبيق الدستور الجديد، فلا يكفي أن يعترف الدستور بحقوقنا بل علينا أن نمارسها ونحميها. أخيرًا، لا يكفي أن نزيد عدد النساء اللواتي يبلغن مناصب السلطة، بل علينا أن نحرص على ضمان نوعية التمثيل النسائي. أعني بذلك أنه يجب أن تكون المرأة مدركة وملمّةً في مجال الجنسانية، وليس في مجال حقوق المرأة فحسب، بل أيضًا حقوق المجموعات الأخرى مثل حقوق الأشخاص المثليين، الذين يحمي الدستور حقوقهم، لكن لا بد من تعزيزها وحمايتها. ما أكثر النساء اللواتي بلغن مناصب السلطة وغابت عن بالهن قضايا النساء! ومن هنا أهمية التطبيق! يجب أن تحرص المنظمات النسائية على أن تمثّل هؤلاء النساء حقًا حقوق النساء الأخريات بعد وصولهن إلى السلطة.
Date of Interview
نائب في الكونغرس البوليفي ورئيسة لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب البوليفي