بقلم كريمة أبو زيد
تعد المرأة عاملاً رئيسياً وأساسياً تحت قبة برلمان 2016 في مصر، خصوصاً أن عدد السيدات تحت القبة وصل إلى 90 نائباً، ما اعتبره المعنيون بحقوق المرأة، إنجازاً تاريخياً للسيدات، يحصل لأول مرة في تاريخ الحياة النيابية المصرية، منذ حصولها على حق الترشح عام 1956.
طالما خاضت المرأة العديد من المعارك تحت القبة، بعضها كان مصيره الفشل. ولعل المعركة الأشهر في تاريخ النواب المصريات هي المعركة التي خاضتها النائب مفيدة عبد الرحمن في ستينيات القرن الماضي، بالإصرار على تعديل قانون يحمي الورثة المستحقين في المعاش من استيلاء الدولة على نصيب من يتوفى منهم. وكانت النائب تؤكد على ضرورة توزيع هذا النصيب على بقية الورثة، الأمر الذي أحدث حالة من الجدل حينها، لكنها لم تنجح في تحقيق ذلك، وتم رفض تعديل القانون.
حالياً، هناك العديد من المعارك التي تخوضها النواب السيدات، ليس لتشريع قوانين، بل لمعالجة أزمات بارزة تواجهنها تحت القبة، منها عدم إمكانية التحدث أثناء الجلسات، وعدم إعطائهن الكلمة، بالإضافة إلى عدم حصولهن على أي مناصب قيادية داخل المجلس، مثل رئاسة اللجان النوعية في البرلمان، وعدم التمثيل في البرلمانات العربية والدولية.
كان عدد من النواب السيدات التقى رئيس المجلس الدكتور علي عبد العال، قبل نهاية دور الانعقاد الأول، لإطلاعه على أبرز مشاكلهن في البرلمان، أي أزمة عدم إعطائهن طلب الكلمة، أو حق إنشاء تكتل، بعد أن وصل عددهن إلى 90.
أزمة المناصب
تعد أزمة حصول النواب السيدات على مناصب قيادية في المجلس، من أبرز المشاكل التي تواجهها المرأة اليوم في البرلمان المصري، خصوصاً أن هناك 25 لجنة نوعية تحت القبة، لم تتمكن أي من النواب السيدات في ترؤس إحداها، باستثناء النائب مي البطران، التي نجحت في ترؤس لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، مع بداية دور الانعقاد الثاني.
وقالت الدكتورة آمنة نصير عضو لجنة التعليم في مجلس النواب: "ما زالت ثقافتنا في مصر يغلب عليها تغلب الرجل". وأكدت أن تلك الأزمة موجودة في كافة مؤسسات الدولة، وحتى الآن لم تتولَّ أي سيدة منصب المحافظ أو رئيس جامعة.
وأضافت نصير لرصيف22 أنه رغم الكلام الطيب في قضايا المساواة بين الرجل والمرأة، إلا أن ثقافة المناصب الذكورية تنتشر في مجتمعنا في جميع الأمور. دور المرأة يتراجع، وهي حقيقة لا يستطيع أحد أن ينكرها أو يجملها".
وأوضحت نصير أنها تقدمت لرئاسة لجنة التعليم في دور الانعقاد الأول، وأدلت بتصريحات عدة منها ما هو منهجي يتضمن برنامجاً واضحاً لإصلاح منظومة التعليم، بحكم عملها في مجال التعليم 40 سنة، لكنها فوجئت أثناء الانتخابات بالتصويت لصالح زميل آخر بشبه إجماع كامل. وقالت نصير: "استقبلت الموقف بترحيب، وأعمل على تطبيق الخطة التي وضعتها كي أسهم بإصلاح التعليم".
بينما تحكي النائب نعمت قمر الدين عن موقف تعرضت له في البرلمان، أثناء سعيها للترشح لمنصب أمين سر بلجنة الإسكان. وتقول: "كنت أتمنى حصولي على منصب أمين سر لجنة الإسكان، لكنني تنازلت عن الترشح بعد أن طلب مني عدد من النواب ذلك، لعدم تفتيت أصوات النواب تجاه مرشح بعينه".
أزمة عدم الحديث تحت القبة
وتؤكد النائب قمر الدين أنها تقدمت بطلب عاجل أثناء أزمة الصحفيين مع وزارة الداخلية، ومنح رئيس المجلس زملائها الكلمة، ولم يمنحها إياها. وأوضحت: "لم أتمكن من إلقاء البيان الذي كنت سأحاول فيه المساهمة في حل أزمة الصحفيين حينها".
وقالت الدكتورة منى جاب الله، عضو مجلس النواب عن حزب المصريين الأحرار، عن دائرة الجمالية ومنشأة ناصر، إن المرأة مظلومة داخل المجلس، وأضافت: "مكنش في فرصة ناخد أي حاجة أو حتى نتكلم تحت القبة".
وأشارت إلى أن هناك مشكلة تواجه النواب السيدات، خصوصاً أنهن يمثلن دوائر فردية، تعاني من مشاكل كثيرة، ويعجزن مع ذلك عن الحديث عن مشاكل دوائرهن أو إيجاد حلول لها.
تمثيل مصر بالخارج
ويأتي تمثيل مصر في البرلمانات الدولية والعربية، بمثابة أزمة أخرى تعاني منها النواب السيدات. وأشارت النائب غادة عجمي، عضو لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان، إلى أن هناك أموراً كانت تتمنى أن تحدث خصوصاً للمرأة داخل المجلس، لكنها لم تنفذ لأسباب كثيرة.
وأكدت عضو مجلس النواب لرصيف22 أنه من المفترض أن يكون للمرأة دور كبير داخل المجلس، موضحةً أن تمثيل المرأة بالبرلمانات العربية ضعيف جداً مقارنة بالنواب الذكور.
وتعتبر عجمي أن التمثيل ضعيف، إذ هناك نائب سيدة واحدة، أمام ثلاثة نواب من الذكور. متسائلةً: "أين العدل هنا، وكان لا بد من إنصاف اثنتين من السيدات مقابل اثنين من النواب الذكور" .
لم تعجب هذه الاتهامات هيئة مكتب المجلس. وقال سليمان وهدان، وكيل مجلس النواب، رداً على اتهامات بعض النواب السيدات اللواتي يشعرن بالظلم تحت القبة، إن وجود 90 امرأة داخل مجلس النواب يعد انتصاراً كبيراً للمرأة المصرية. وعن أزمة عدم التحدث، قال إن من يريد الحديث في أي موضوع مطروح للنقاش يتقدم بطلب لرئيس المجلس، وهو من يختار من يلقي الكلمة، أو يتحدث في هذا الأمر. مشيراً إلى أن هناك العديد من النواب الذكور الذين يتقدمون بطلبات للحديث ولا يتم الموافقة عليها، نظراً لضيق الوقت أو لرؤية رئيس المجلس.
وأوضح وهدان لرصيف22 أن ما يخص أزمة الحصول على المناصب، يعود إلى اختيارات النواب، خصوصاً أن عملية اختيار رؤساء اللجان النوعية ووكلائها، يعود إلى العملية الانتخابية التي تجري داخل كل لجنة. مضيفاً أنه في ما يخص أزمة التمثيل في الخارج في البرلمانات العربية والدولية، يوجد تمثيل نسائي من البرلمان المصري في هذه البرلمانات، وتعود الاختيارات في هذا الأمر للدكتور علي عبد العال رئيس البرلمان.
يدفعنا هذا إلى التساؤل حول الفرص التي قد تحظى فيها النساء في محيط غالبيته رجال لا يزالون يملكون مقاربة ذكورية جداً لعالم السياسة.
المصدر: رصيف22